مهاة اللوى حسبي وحسب الهوى ذعرا

مَهاةَ اللِوى حَسبي وَحَسبُ الهَوى ذُعرا

أَما نَأمَنُ الإِعراضَ يَوماً وَلا الهَجرا

أَفي كُلِّ يَومٍ مِن صُدودِكِ غارَةٌ

أَخوضُ المَنايا بَينَ أَهوالها حُمرا

أَماناً لِعانٍ يَطلُبُ السِلمَ في الهَوى

وَحَسبُكِ ما أَتلَفتِ مِن نَفسِهِ نَصرا

أَغَرَّكِ جُندٌ لِلمَحاسِنِ باسِلٌ

إِذا ما تَداعى أَمعَنَ القَتلَ وَالأَسرا

وَما زِلتُ أَشكو فِتنَةً بَعدَ فِتنَةٍ

إِلى أَن أَتَت عَيناكِ بِالفِتنَةِ الكُبرى

دَعيني وَما أَلقى مِنَ الدَهرِ وَاِشغَلي

بِحُبِّكِ من لا يَشغَلُ الناسَ وَالدَهرا

وَهَبتُ الصبى وَالشَيبَ وَالشَوقُ وَالهَوى

لِمِصرَ وَإِن لَم أَقضِ حَقَّ الهَوى مِصرا

بِلادٌ حَبَتني أَرضُها وَسَماؤُها

حَياتي وَأَجرى نيلُها في فَمي الدُرّا

تُريدينَهُ حُسناً عَلَيكِ وَبَهجَةً

تُغيرُ الغَواني وَالخَمائِلَ وَالزَهرا

وَأَعتَدُّهُ مَجداً لِمِصرَ وَسُؤدُداً

تَبيتُ لَهُ الأَمصارُ والِهَةً حَرّى

وَما حادِثٌ يَوماً وَإِن راعَ وَقعُهُ

بِماحٍ هَواها أَو يُطاوِلُها ذِكرا

هِيَ الدَهرُ أَو شَيءٌ يُشابِهُ صَرفَهُ

وَإِبرامَهُ وَالنَقضَ وَالطَيَّ وَالنَشرا

تَمُرُّ بِها الدَولاتُ شَتّى وَتَرتَمي

عِظاتُ اللَيالي حَولَ أَهرامِها تَترى

كَأَنّي بِها صُحفُ الخُلودِ وَكُلُّها

يَخُطُّ عَلَيها مِن أَحاديثِهِ سَطرا

لَها في يَدِ التاريخِ ما لَيسَ يَنطَوي

مِنَ العِبَرِ اللائي مَلَأنَ النُهى بَهرا

كَأَنَّ رُباها لِلمَمالِكِ مِنبَرٌ

يَقومُ عَلَيهِ الدَهرُ يوسِعُها زَجرا

كَأَنَّ ثَراها لِلشُعوبِ تَميمَةٌ

تَقي مِن جُنونِ الجَهلِ أَو تُبطِلُ السِحرا

كَأَنَّ بِماءِ النيلِ سِرّاً مُحَجَّباً

يَرُدُّ إِلى حُكمِ الأَناةِ مَنِ اِغتَرّا

خُذي مِن عِظاتِ الدَهرِ يا مِصرُ وَاِشهَدي

عَلَيهِ وَزيدي في أَعاجيبِهِ صَبرا

وَلاقي بِمَأمولِ الرِضى مِنكِ مَوكِباً

تَوارَت لَهُ الجَوزاءُ وَاِستَحيَتِ الشِعرى