يا سوء ما حمل البريد ويا لها

يا سوءَ ما حَمَلَ البَريدُ وَيا لَها

مِن نَكبَةٍ تَدَعُ النُفوسَ شَعاعا

يا رَبِّ ما ذَنبُ الَّذينَ تَتابَعوا

يَستَرسِلونَ إِلى المَنونِ سِراعا

جَرحى وَما حَمَلوا السُيوفَ لِغارَةٍ

صَرعى وَما سَأَلوا العَدُوَّ صِراعا

قالوا الحَياةُ فَعوجِلوا أَن يَقرَعوا

عِندَ النِداءِ بِتائِها الأَسماعا

عِزريلُ نُبِّئَ ما أَصابَ جُموعَهُم

فَاِرتابَ ثُمَّ رَآهُمو فَاِرتاعا

مَرأىً يَشُقُّ عَلى العُيونِ وَمَشهَدٌ

يُدمي القُلوبَ وَيَقصِمُ الأَضلاعا

لَمّا أَطَلَّ الظُلمُ فيهِ بِوَجهِهِ

أَلقى عَلَيهِ مِنَ الحَياءِ قِناعا

وَدَعا بِنَيرونَ الرَحيمِ فَما رَنا

حَتّى تَراجَعَ طَرفُهُ اِستِفظاعا

وَصَفوا المُصابَ لِدَنشوايَ فَكَبَّرت

لِلمُصلِحينَ مَقابِراً وَرِباعا

وَاِستَيقَنَت أَنَّ الأُلى نُكِبَت بِهِم

كانوا أَبَرَّ خَلائِفاً وَطِباعا

يا مِصرُ خَطبُكِ في المَمالِكِ فادِحُ

وَمَصابُ أَهلِكِ جاوَزَ المُسطاعا

قَومٌ يَروعُهُمُ البَلاءُ مُضاعَفاً

وَتُصيبُهُم نِوَبُ الزَمانِ تِباعا

لاذوا بِحُسنِ الصَبرِ حَتّى زَلزَلَت

هوجُ الحَوادِثِ رُكنَهُ فَتَداعى

حَمَلوا القُلوبَ تَفورُ مِمّا تَصطَلي

وَتَمورُ مِمّا تَحملُ الأَوجاعا

إِن هاجَهُم طَمَعُ الحَياةِ رَمى بِهِم

خَطبٌ يُرَوِّعُ مِنهُمُ الأَطماعا

وَإِذا أَرادوا نَهضَةً نَفَرَت لَهُم

حُمُرٌ خَلا الوادي فَكُنَّ سباعا

سَفَكوا الدِماءَ بَريئَةً وَتَنَمَّروا

يَرمونَ شَعباً لا يُطيقُ دِفاعا

أَخَذوهُ أَعزَلَ آمِناً مُتَجَرِّداً

يُلقي السِلاحَ وَيَنزَعُ الأَدراعا

أَمَروا فَما نَبَذَ الخُضوعَ وَلا عَصى

وَنَهوا فَأَذعَنَ رَهبَةً وَأَطاعا

لَم يَذكُروا إِذ نَحنُ نَبذُلُ قُوتَنا

وَنَظَلُّ صَرعى في البُيوتِ جِياعا

بِئسَ الجَزاءُ وَرُبَّما كانَ الأَذى

عَدلاً لِمَن يَأَلو العَدُوَّ قِراعا

جاءوا فَقَومٌ يُضمِرونَ مَوَدَّةً

وَرِضىً وَقَومٌ يُضمِرونَ خِداعا

فَتَكافَأَ الحِزبانِ في حالَيهِما

وَمَضَت حُقوقُ العالَمينَ ضَياعا

لا يَستَقِلُّ الشَعبُ يَترُكُ حَقَّهُ

وَيَرى البِلادَ تِجارَةً وَمَتاعا

يَخشى العَدُوَّ فَلا يُطيقُ تَشَدُّداً

وَيُهالُ مِنهُ فَلا يُريدُ نِزاعا

إِنَّ الحَياةَ لِأُمَّةٍ مِقدامَةٍ

تُعيي العَدُوَّ شَجاعَةً وَمَصاعا

تُزجي إِلَيهِ مِنَ الحِفاظِ جَحافِلاً

وَتُقيمُ مِنهُ مَعاقِلاً وَقِلاعا

إِن سامَها في الحادِثاتِ تَفَرُّقاً

عَقَدَت عَلى خِذلانِهِ الإِجماعا

وَإِذا أَرادَ بِها الهَضيمَةَ أَرهَقَت

هِمَماً يَضيقُ بِها الدُهاةُ ذِراعا

يا رَبَّ مِصرَ تَوَلَّ مصرَ وَهَب لَها

شَعباً يُريدُ لَها الحَياةَ شُجاعا

لَو سيمَ يَوماً أَن يَبيعَ بِلادَهُ

بِمَمالِكِ الدُنيا مَعاً ما باعا