أذوب اشتياقا والفؤاد بحسرة

أِذُوبُ اشْتِياقاً وَالْفُؤَادُ بِحَسْرَةٍ

وَفي طَيِّ أحْشَائِي تَوَقُّدُ جَمْرَةٍ

مَتَى تَرْجِعُ الأَحْبَابُ مِنْ طُولٍ سَفْرَةِ

أَحِبَّةَ قَلْبي عَلّلُوني بِنَظْرَةٍ

فَدَائي جَفَاكُمْ وَالْوِصَالُ دَوَائي

رَحَلْتُمْ وَخَلَّفْتُمْ فُؤَادِي مُعَذَّبَا

يَهيمُ بِكُم بَيْنَ الْمَرَابعِ والرُّبَا

وَفي كَبِدِي نَارٌ تَزِيدُ تَلَهُّبَا

أَحِنُّ إلَيْكُمْ كُلَّما هَبَّتِ الصَّبا

فَيَزْدَادُ شَوْقي نَحْوَكُمْ وَعَنَائي

عَدِمْتُ نَعِيمي فِي هَوَاكُمْ وَرَاحتي

عَسَاكُمْ تَجُودُوا أَوْ تَرِقُّوا لِحَالَتي

وَمَا كَانَ بُعْدِي عَنْكُمُ مِنْ إرَادَتي

أُكَابِدُ أَحْزَاني وَفَرْطَ صَبَابَتي

وَلَم تَرْحَمُوا ذُلِّي وَطُولَ بُكَائي

نَزَحْتُ دُمُوعِي مِنْ بُكاَئي عَلَيْكُمُ

وَلَمْ تَنْظُرُوا حَالي وَذُلِّي لَدَيْكُمُ

وَأَسْرَ فُؤَادِي بِالْهوى فِي يَدَيْكُمُ

أُرَاعِي نُجُومَ اللَّيْلِ شَوْقاً إلَيْكُمُ

وَذَاكَ لِرُغْبي فِي الْهَوى وَشَقَائي

إذَا مَا ذَكَرْتُ الجِذْعَ وَالْبَانَ وَاللِّوى

يَهيمُ غَرامِي بِالصَّبَابَةِ والْجَوى

إلَى اللهِ أَشْكُو مَا أُلاَقي مِنَ النَّوى

أيَا صَاحِبي كُنْ لي مُعِيناً عَلى الْهَوى

فَعُمْري بِهِ ولّى وعَزَّ عَزائي

تكدّر عيشي بَعْدَ بُعْدِ أَحِبَّتي

وَفَارَقَني مَنْ كَانَ سُؤْلي وَمُنْيَتي

أيَا عَاذِلَ الْمُشْتَاقِ دَعْني بِحَيْرتي

أعِرْني جُفُوناً لا تَجِفُّ فَمُقْلَتي

رَقَا دَمْعُها فَاسْتُبْدِلَتْ بِدِمَاءِ

عَلِقْتُ بِأَحْوى مَالَهُ مِنْ مُمَاثِل

حَكَى غُصْنَ بَانٍ مَائِسٍ فِي غَلاَئِل

إذَا رُمْتُ أسلو عَنْ حَبيبٍ مُمَاطِل

أبَى الْقَلْبُ أَنْ يَصْغى إلىَ قَوْلِ عَاذِل

وَلَوْ لَحَّ بي فِي غُدْوَتي وَمَسَائي

تَرَى الْعَيْشَ يَصْفُو بَيْنَ تلْكَ المَرَابِعِ

وَيُطْفى لَهِيبٌ قَدْ ثَوَى فِي الأَضَالِعِ

وَقَدْ مَرَّ عُمْري ضَالِعاً فِي المَطَامِعِ

أُرَجْي وِصَالاَ مِنْ حَبيبٍ مُمَانِعِ

يُخَيِّبُ عَمْداً بِالْبعَادِ رَجَائي

حبيبٌ مٌقِيمُ فِي فُؤَادٍ مُشَرَّدِ

وَشَوْقي إلَى خَيْرِ الأْنَامِ مُحَمَّدِ

أُنَادِي وَدَمْعُ الْعَيْنِ فِي الخَدِّ مُسْعِدِي

أمَا دَانَ غَيِّي أنْ يَزُولَ فَأَهْتَدي

إلى خَيْرٍ دَانٍ فِي الأْنَامِ وَناَءِ

نَبيٌّ شَفِيعٌ حَازَ كُلَّ الْفَضَائِلِ

بِهِ افْتَخَرَتْ أصْحَابُهُ فِي الْقَبَائِلِ

وَقَدْ ظَهَرَتْ رَايَاتُهُ بِدَلاَئِلِ

أجلُّ الْوَرى قَدْراً وَأَصْدَقُ قَائِلِ

غَدَا عُدَّتي فِي شِدَّتي وَرَخائي

فُؤَادِي الْمُعَنَّى يَشْتَكِي فَرْطَ صَبْرِهِ

وَجَفْنِي يُرَاعِي مَطْلَعاً فِي سُحَيْرِهِ

مَشٌوقاً لِمُخْتَارٍ يَسِيرُ لِسَيْرهِ

إمَامٌ إذَا ضَاقَتْ شَفَاعَةُ غَيْرهِ

لَدَى الْحَشْرِ أَلْفَيْنَاهُ رَحْبَ فِنَاءِ

أمِيلُ إلى ذاك الْحِمَى وَطَرِيقِهِ

وَأَهْفُو لَحِيِّ الْمُنحَنى وَفَرِيقِهِ

مَنَازِلَ بَدْرٍ هَدى بِشُرُوقِهِ

أشَارَ إلى الْمَاءِ الأُجَاجِ بِرِيقِهِ

فَعَادَ فُرَاتاً فِيهِ كُلُّ شِفَاءِ

لِبُعْدِ المَدى قَدْ أَوْ قَدَ الْبَيْنُ جَمْرَةً

يُجَدِّدُ وَجَداً كُلَّ يَوْمٍ وَحَسْرَةً

وَطُولَ اشْتِيَاقي لِلَّذِي حَلَّ حُجْرَةً

أَمَا كَلَّمَتْهُ ظَبْيَةُ الْوَحْشِ جَهْرَةً

أمَا أَتْحَفَ الأَْعْمى بِمُقْلَةِ رَاءِ

سَأَلْتُكَ عُجْ نَحْوَ الْعَقِيقِ مَعَ الْحِمى

وَسَلَّمْ عَلَى الْمَبْعُوثِ إنْ كُنْتَ مُغْرَمَا

نَبيَّ كَرِيمٍ لاَ يَزَالُ مُعَظَّمَا

أَمَا نَحْوَهُ جَاءَ الْبَعِيرُ مُسَلِّمَا

وَشَاهَدَ نُوراً مُشْرقِاً بِضِيَاءِ

مُنَائِي مِنَ الدُّنْيَا أفُوزُ بِقُرْبِهِ

عَسَى الْقَلْبُ يَبْرَا مِنْ حَرَارَةِ كَرْبهِ

سَلاَمٌ عَلى آل النَّبيِّ وَصَحْبِهِ

أَطَاعَتْهُ أَهْلُ الأرْضِ وَاسْتَبْشَرَتْ بِهِ

مَلاَئِكَةٌ حِينَ ارْتَقى لِسَمَاءِ

مَكاَرِمُهُ تُنْيسكَ عَنْ طِيبِ أَصْلِهِ

وَرَاحَتُهُ تُغْنِيكَ عَنْ سَحِّ وَبْلِهِ

وَظُلْمَةُ أهْلِ الشِّرْكِ زَالَتْ بِعَدْلِهِ

أَقَرَّتْ جَمِيعُ المُرْسَلِينَ بِفَضْلِهِ

وَنَاهِيكَ عَنْ فَخْرٍ وَحُسْنِ سَنَاءِ

هَدَمْنَا بِهِ سُورَ الضَّلاَلِ وَرُكْنَهُ

وَقَدْ فازَ عَبْدٌ فِيهِ حَقَّقَ ظَنَّهُ

مُحَيَّاهُ مِثْلُ الْبَدْرِ تَنْظُرُ حُسْنَهُ

أتِيهُ بِهِ عُجْباً وَأَسْمُو لأَنَّهُ

بِهِ شَاعَ شِعْرِي فِي الْوَرى وَثَنَائي

يَبيتُ فُؤَادِي الْمُسْتَهَامُ بِهَمَّهِ

وَلاَ رَاحِمٌ يُبْرِيهِ مِنْ دَاءِ سُقْمِهِ

وَكُلُّ شِفَائي أَنْ أُنَادِيَ بِاسْمِهِ

أتَيْتُ لَهُ مُسْتَشْفِعاً بِابِنِ عَمِّهِ

وَبضْعَتِهِ وَالْفِتْيَةِ النُّجَبَاءِ

إلِهي يَدُ الْعَاصِي لِنَحْوِكَ مَدَّهَا

وَكَمْ خَلَّةٍ مَقْصُودَةٍ لاَ تَرُدُّهَا

وَتُبْدِي لَهُ نَعْمَاءَ لاَ يُحْصى عَدُّهَا

إلَيْكَ يَدِي مَبْسُوطَةٌ لاَ تَرُدُّهَا

مِنَ الْعَفْوِ هَبْ لِي يَا سَمِيعُ دُعَائِي

دَعَوْنَاكَ بالْهادِي الشَّفِيعِ مُحَمَّدِ

نبيِّ الْهُدى يَنْجُو بِهِ كل مُهْتَدَ

مَحَبَّتُهُ ذُخرِي وَسُؤْلي وَمَقْصِدي

أجِرْنَا جَمِيعاً مِنْ عَذَابِكَ سَيِّدي

وَكُنْ مُستَجيباً سَامِعاً لِدُعَائي