تمادى على هجري فزاد مهابة

تَمادَى عَلى هَجْري فَزَادَ مَهَابَةً

فَيُوسُفُ حَازَ الْحُسْنَ عَنْهُ نهَايَةً

وَمِنْ رَمَقِي لَمْ يُبْقِ إِلاَّ صُبَابَةً

تَمُوتُ نُفُوسُ الْعَاشِقينَ صَبَابَةً

وَشَوْقاً وَلَمْ يُقْضَ لَهَا مَا تَمَنَّتِ

زَمَاني تَقَضى وَاللَّيَالي تَوَلَّتِ

بِهَجْرٍ وَلاَ وَصْلٍ يُبَرِّدُ غُلَّتي

فَوَاحَسْرَتي حَتى أَمُوتَ بِحَسْرَتي

تُهَنَّا عُيُونٌ بِالرُّقَادِ وَمُقْلَتي

تُرَاعِي الثُّرَيَّا بالكَرى مَا تَهَنَّتِ

لَهُ مِنْ فُؤَادِي مَوْضِعٌ مَا أَجَلَّهُ

وَلَيْسَ لَهُ شِبْهٌ وَلَمْ أَر مِثْلَهُ

أَجُودُ بِرُوحِي وَهْوَ يَمْنَعُ وَصْلَةُ

تَرَجَّيْتُ مَنْ أَهْوى وَقُلْتُ لَعَلَّهُ

يَجُودُ بِوَصْلٍ قَبْلَ أُوْدَعَ تُرْبَتي

نَدِيمي بِمَنْ أَهْوَاهُ باللهِ غَنِّنِي

وَهَاتِ كُؤوسَ الرَّاحِ صِرْفاً وَأَسْقِني

حَبيبٌ رَمَاني بِالصُّدُودِ وَمَلَّني

تَمَادَى عَلى هَجْري وَيَزْعُمُ أنَّني

سَلَوْتُ وَإنَّ الْمَوْتَ مِنْ دُونِ سَلْوَتي

أَبِيتُ بِطُولِ اللَّيْلِ أرْجُو خَيَالَهُ

وَتَطْمَعُ نَفْسِي أَنْ تَنَالَ وِصَالَهُ

جَمِيلٌ وَلَيْسَ الْبَدْرُ يَحْكِي جَمَالَهُ

تَجَلى دَلاَلاً لاَ عَدِمْتُ دَلاَلَهُ

وَمَا ضَرَّهُ لَوْ جَادَ يَوْماً بِزَوْرَتي

مَلُولٌ يَرى قَتْلي حَلاَلاً لأَنَّهُ

عَليَّ أَقَامَ الحُبَّ فَرْضا وَسَنَّهُ

وَلِلْعَاشِقِ الْمَهْجُورِ يُخْلِفُ ظَنَّهُ

تُمَيِّلُهُ خَمْرُ الصِّبَا فَكَأَنَّهُ

قَضِيبٌ أَمَالَتْهُ الصَّبَا حِينَ هَبَّتِ

أَبِيتُ وَقَلْبي يَشْتَكي حَرَّ نَارِهِ

لأَجْلِ رَشِيقٍ يَنْثَني فِي إزَارِهِ

يُحَاكِي زُهُورَ الْوَرْدِ عِنْدَ احْمِرَارِهِ

تَوَرُّدُ خَدَّيْهِ وَآس عِذَارِهِ

وَنَرْجسُ عَيْنَيْهِ سُؤَالي وَبُغْيَتي

لَهُ طَلْعَةٌ كَالْبَدْرِ نُوراً إذَا بَدَتْ

وَقَامَتُهُ مِثْلُ الْقَضِيبِ تَأَوَّدَتْ

مَحَاِسنُهُ لاَ تَنْقَضِي لَوْ تُعُدَّدَتْ

تَأَلَّقَ نُورٌ مِنْ مُحَيَّاهُ فَاهْتَدَتْ

إلَيْهُ عُقُولٌ فِي دُجَى الْفَرْعِ ضَلَّتِ

رَشِيقُ الْمَعَاني لاَ يُقَاسُ بِمِثْلِهِ

لَهُ نَاظِرٌ يَرْمِي الفُؤَادَ بِنَبْلِهِ

مُصِرٌّ عَلى هَجْرِ الحَبيبِ وَقَتْلِهِ

تَمَنَّيْتُ لَوْ دَامَتْ مَدَامَهُ وَصْلِهِ

لأَظْفَرَ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ بِسَكْرَةِ

أَيَا عَذِلي دَعْني وَمَنْ لَوْ رَأيْتَهُ

لَهِمْتَ اشْتِيَاقاً نَحْوَهُ وَهَيْتَهُ

فَصَرِّحْ بِذِكْرِي عِنْدَهُ إنْ لَقِيْتَهُ

تَخَاَلفَ وَجْدِي والغَرَامُ فَلَيْتَهُ

يَرِقُّ لَحِالي فِي هَوَاهُ وَذِلَّتي

تَمَكَّنَ فِي الأَحشَاءِ كل التَّمَكُّنِ

وَصَافَيْتُهُ فِي الْوُدِّ مِنْ كُلِّ مُمْكِنَ

وَلَمَّا رَأَيْتُ الْعُمْرَ فِي الصَّدِّقدْ فَني

تَغَزَّلْتُ فِي شِعْري بِهِ غَيْرَ أَنَّني

رَجَعْتُ إلَى مَدْحِ النَّبيِّ بِهِمَّتي

هُوُ الْمُصْطَفى حَقّاً لَقَدْ شُرِّفَ اسْمُهُ

وَقَدْ جَلَّ عَنْ وَصْفٍ وَقَدْ تَمَّ رَسْمُهُ

نَبيٌّ كَرِيمٌ قَدْ تَعَاظَمَ حُكمُهُ

تَلَوْتُ بِهِ مَدْحاً حَكَى الشَّهْدَ طَعْمُهُ

وَأَنْفَعُ مَا يَبْرَا بِهِ دَاءُ عِلَّتي

هُوَ الْبَدْرُ وَافَي طَالِعاً فِي سُعُودِهِ

عَزِيزٌ وَلاَ يَعْبَأْ بِكَيْدِ حَسُودِهِ

لَهُ الْمَنْصِبُ الأَعْلى كَريِمٌ بِجُودِهِ

تَبَارَكَ مَنْ أَهْدي لَهُ مِنْ جُنُودِهِ

مَلاَئِكَةً عَنْ نَصْرِهِ مَا تَخَلَّتِ

بِآيَاتِهِ كُلُّ الْقُلُوبِ قَدِ اهْتَدَتْ

وَأَنْوَارُهُ نَارَ الضَّلاَلَةِ أَخْمَدَتْ

وَمِنْهُ جُيُوشُ الشِّركِ خَوْفاً تَشَرَّدَتْ

تَرَقى عَلىَ مَتْنِ الْبُرَاقِ وَقَدْ غَدَتْ

بِهِ عَنْ مَقَامَاتِ الرِّضَا مَا تَعَدَّتِ

يَقُولُونَ مَغْلُوبٌ أّذَى وَهوَ غَالِبُ

وَقَدْ سُلِبُوا أرْوَاحهُمْ وَهوَ سَالِبُ

أُتِي بِبُرَاقِ فِي الدُّجى وَهوَ رَكِبُ

تَسِيرُ بِهِ مِنْ مَكَّةِ وَهوَ طَالِبُ

إلى الْمَسْجِدِ الْأقْصى إلى حَيْثُ حَلَّتِ

غَرَامِي بِهِ لاَ يَنْقَضي وَهُوَ دَائِمُ

بِهِ أَمِنَتْ عُرْبُ الْوَرى وَالأَعَاجِمُ

لَقَدْ زَادَ حُبِّي فِيهِ وَالْقَلْبُ هَائِمُ

تَبَاهي بِهِ بَيْنَ الْمَلائِكِ أدَمُ

وَقَالَ بِهذَا يَقْبَلُ اللهُ تَوْبَتي

أَمِينٌ لِوَحْي اللهِ أَفْضَلُ مُرْسَلِ

غَرَامِي بِهِ صِدْقاً بِغَيْرِ تَجَمُّلِ

أتى جَهْرَةً الْمَلاَئِكِ يَنْجَلي

تَرَاهُمْ قِيَاماً حَوْلَهُ بِتَهَلُّلِ

وَهِمَّتُهُ فَوْقَ الْعُلى قَدْ تَرَقَّتِ

شَفِيعُ الْوَرى فِي مَوْتِهِ وَحَيَاتِهِ

وَمِلَّتُنَا قَدْ أُحْرِزَتْ بِحُمَاتِهِ

يُدلُّ عَلى تَقْدِيمِهِ بِصِفَاتِهِ

تَوَاتَرَتِ الأَخبَارُ فِي مُعْجزَاتِهِ

وَمَا زَالَ فِينَا شَرْعُهُ غَيْرَ مَيِّتِ

عِسَاكِرُهُ مَنْصُورَةٌ تَمْلأُ الْفَضَا

وَأَعْدَاؤُهُ مَقْهُورَةٌ ساقَهَا الْقَضَا

فَقَدْ نَالَ مِنْ رَبِّ الْعُلى غَايَةَ الرِّضَا

تَمَكَّنَ فِي عِزِّ النُّبُوَّةِ فَانْتَضى

سُيُوفاً لأَقْوَامِ الشَّرِيعَةِ سُلَّتِ

أَجَلُّ الوَرى قَدْراً و أَصدَقُ لَهْجَةٍ

وَلَوْلاهُ لَمْ نَعْرِفْ صَلاَةً وَحَجَّةً

لَقَدْ زَجَّهُ جِبْرِيلُ فِي النُّورِ زَجَّةً

تَلأَلأَ بِالأَنْوَارِ فَازْدَادَ بَهْجَةً

عَلَيْهِ سَلاَمِي دَائِماً وَتَحِيَّتي