جفاني أحبائي وجاروا بصدهم

جَفَاني أحِبَّائِي وَجَارُوا بِصَدِّهِمْ

وَصَافَيْتُهُمْ وُدِّي وَفَاءَ لِعَهْدِهِمْ

شَرَحْتُ لَهُمْ مَا حَلَّ بي بَعْدَ فَقْدِهِمْ

جَرَى دَمْعُ وَاسْتَهَلَّ لِبُعْدِهِمْ

غَدَاةَ النَّوى لَمَّا سَرَوْا بِالْهَوادِجِ

أَحِبَّةُ قَلْبي فَارَقُوني وَحَمَّلُوا

مَطَايَاهُمُ وَالْجسْمُ مُضْنًى مُعَلَّلُ

وَمَاذَا عَلَيْهِمْ سَاعَةً لَوْ تَمَهَّلُوا

جَزِعْتُ لِيَومِ الْبَيْنِ لَمَّا تَرَحَّلُوا

وَذُبْتُ اشْتِيَاقاً مِنْ زَفِيرِ اللَّوَاعِجِ

أَيَا صَاحِبي سِرْ بي إلَى نَحْوِ سِرْبهِمْ

لأَكْحُلَ أَجْفَاني بِأَثْمِدِ تُرْبِهِمْ

لَحَاني عَذُولي قُلْتُ دَعْني أَمُتْ بِهِمْ

جَعَلْتُ لَهُمْ خَدَّيَّ وَطْئاً لِركْبِهِمْ

وَسَارَ فُؤَادِي تَاِبعاً لِلْهَوادِجِ

هَوَاهُمْ مُقِيمٌ فِي الْجَوَانِحِ قَدْ ثَوى

وَجِسْمِي سَقِيمٌ قَدْ أَضَرَّ بِهِ النَّوى

وَغُصْنُ شَبَابي بالْقَطِيعَةِ قَدْ ذَوى

جَزَى اللهُ خَيْراً جِيرَةَ الْحَيِّ وَاللِّوى

وَمَنْ حَلَّ فِي نَجْدٍ وَرَمْلَةِ عَالِجِ

أَيَا سَائِقَ الأَظْعَانِ مَهْلاً بِرَكْبِهمْ

وَخُذْ مَاءَ عَيْني وَادَّجِرْهُ لِشُرْبِهمْ

دُمُوعُ مُحِبِّ قَلْبُهُ هَائِمٌ بِهِمْ

جَنَيْتُ اشْتِيَاقاً مِنْ تَوَلُّعِ حُبِّهِمْ

وَضَاعَ فُؤَادِي بَيْنَ سَلْعٍ وَضَارِجِ

وَبَلِّغْ سَلاَمِي إنْ وَصَلْتَ مُسَلِّمَا

عَلى سَاكِنِ الجَرْعَاءِ مِنْ أَيْمَنِ الْحِمى

وَ إنِّي بِهِمْ مَازِلْتُ صَبَّا مُتَيَّمَا

جَفَاني الْكَرى لمْ يُهْنِني النَّوْم عِنْدَمَا

فَنِيتُ بِحُبِّ الغَانِيَاتِ الدَّوَاعِجِ

وَقَفْتُ ذَلِيلاً مُسْتَجيراً بِعَدْلِهمُ

وُقُوفَ مُطِيعٍ راجِياً نَيْلَ رِفْدِهْم

وَ إنْ صَرَّمُوا حَبْلي وَثِقْتُ بِحَبْلِهمْ

جَنَحْتُ لَهُمْ عَلَّي أَفُوزُ بِوَصْلِهمْ

وَأَحْظى بِرَبَّاتِ الْحُلى وَالدَّمَالِجِ

عَشِيَّةَ سَارُوا واسْتَقَلوا بِنُجِبِهمْ

وَقضلْبي الْمُعَنى لَمْ يَزَلْ مُغْرَماً بِهمْ

وَمَا بُغْيَتي إلاَّ أَفُوز بِقُرِبهمْ

جَهِلْتُ هَوَاهُمْ وَاعْتَرَفْتُ بِحٌبِّهمْ

وَمَا كُنْتُ فِي بَحْرَ الْغَرَامِ بِوَالِجِ

جَلاَبِيبُ صَبْرِي فِي الْهَوى قَدْ تَمَزَّقَتْ

وَلي كَبِدٌ مِنْ حُزْنِهَا قَدْ تَحَرَّقَتْ

وَطُوالَ اللَّيَالي مُقْلَتي قَدْ تَأَرَّقَتْ

جَمَعْتُ هُمُومِي فِي الْهَوى وَتَفَرَّقَتْ

مَدَامِعُ عَيْني وَاللِّقَا غَيْرَ رَائِجِ

هَوِينُ غَزَالاً لِلْمَلاَحَةِ قَدْ حَوى

لأَهِيمُ بِهِ مَا بَيْنَ رَامَةَ واللِّوى

وَقَدْ بَاتَ قَلْبي يَشتَكِي ألَمَ الْجَوى

جَرِعْتُ كُؤُسَ الْحُبِّ مِنْ خَمْرَةِ الْهَوى

سَكِرْتُ بِهَا صِرْفاً بِغَيْرِ مُمَازِجِ

أرُوحُ بِجَهْلي فِي المَعَاصِي وَأَغْتَدِي

وَأَلْهُو وَرَأْسُ الْمَالِ قَدْ ضَاعً مِنْ يَدِي

وَلَمَّا رَأَيْتُ النَّفْسَ لِلْوَعْظِ تَهْتَدِي

جَلَوْتُ عَروساً مِنْ مَدِيحِ مُحَمَّدِ

بِهَا صَحَّ نُجْحِي فِي جَمِيعِ الحَوَائِجِ

غَدَوْنَا نَجِدُّ السَّيْرَ نَحْوَ ضَرِيحهِ

تَعَطَّرَتِ الأَكْوَانُ مِنْ طِيبِ رِيحِهِ

رَوى مُسْلِمُ أَوْصَافَهُ فِي صَحِيحِهِ

جَوَاهِرُ دُرِّ نُظِّمَتْ فِي مَدِيحِهِ

يُزَيِّنُ نَظْمِي مَا حَوَتْ مِنْ تَبَاهُجِ

لَقَدْ زَادَهُ الرَّحْمنُ فَضْلاً بِمَنَّهِ

وَفَازَ مِنَ المَوْلى بِتَحْقِيقِ ظَنِّهِ

وَمَنْ ذَا لَهُ فَنٌّ سِوَاهُ كَفَنِّهِ

جَمِيلٌ يَكِلُّ الْوَصْفُ عَنْ نَعْتِ حُسْنِهِ

لَهُ رُؤْيَةٌ تَسْمُو بِكُلِّ المَنَاهِجِ

تَبَارَكَ رَبٌّ خَصَّنَا بِوُصُولِهِ

خَلِيلٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ وَابْنُ خَلِيلِهِ

جَمِيلُ المَعَاني عَمَّنَا بِجَمِيِلِهِ

جَنَابي قَوِيٌّ لَمْ يَزَلْ بِدَلِيلِهِ

عَلى لائِمِي فِي حُبِّهِ وَمُحَاجِجِي

حَبِيبٌ عَلى قُرْبِ المَزَارِ وَنَائِهِ

جَوَادُ إذا صَبَّ السَّمَا بِمِيَائِهِ

تَرَانَا وُقُوفاً لُوَّذاَ بِفِنَائِهِ

جَمِيعُ الْبَرَايَا تَحْتَ ظِلِّ لِوَائِهِ

لَقَدْ ظَفِرُوا بِالْقُرْبِ مِنْ ذِي المَعَارِجِ

دَوَا غُصَّتِي والْغَصُّ يُبْلي إذا ثَوى

وَشَوْقي مُقِيمُ فِي الْجَوَارِحِ قَدْ نَوى

إلى نَحْوِ مَنْ حَازَ المَكاَرِمَ وَاحْتَوى

جَلاَ كُلَّ قَلْبِ مِنْ صَدَ ظُلْمَةِ الْهَوى

وَقَدْ نُتِجَتْ بِالْحَقِّ أعْلىَ النَّتَائِجِ

احِنُّ إلى خَيْرِ الْوَرى وَصَدِيقِهِ

وَمُؤْنِسِهِ فِي غَارِهِ وَرَفِيقِهِ

بِهِ تَمَّ نُورُ الْبَدْرِ عِنْدَ شُرُوقِهِ

جَنى الشَّهْدُ جُزْءاً مِنْ حَلاَوَةِ رِيقِهِ

وَأَعْرَافُهُ تَتْرى بِمِسْكِ النَّوافِجِ

رِقَابُ الْعِدَا مُنْقَادَةٌ لِمُرَدِهِ

إذا صَالَ يَوْماَ فِي الْوَغى بِجِيَادِهِ

بِهِ يُنْقَذُ الْعَاصِي غَداً فِي مَعَادِهِ

جَلِيلٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ عِنْدَ ولاَدِهِ

ثَوَاقِبُ شُهْبٍ أُرْسِلَتْ نَحْوَ مَارِجِ

عَزِيزٌ كَريِمٌ مَالَهُ مِنْ مُمَاثِلِ

حَقَائِقُهُ لَمْ تُبْقِ قَوْلاً بِبَاطِلِ

نُبُوَّتُهُ حَازَتْ جَمِيعَ الْفَضَائِلِ

جَرى حُبُّهُ مَجْرى دَمِي فِي مَفَاصِلي

وَمَا هُوَ عَنْ سِرِّ الضَّمِيرِ بِخَارِجِ

غَنَاهُ غَنيٌّ دَائِمٌ فِي قَنَاعَةٍ

وَمَدْحِي لَهُ فِي الْحَشْرِ خَيْرُ بِضَاعَةٍ

لَعَلِّي بِهِ أَحْظى بِخَيْرِ شَفَاعَةٍ

جَوَازٌ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ وَسَاعَةٍ

تَحِيَّةُ رّبِّ كَاشِفِ الضُّرِّ فارِجِ