سلوا هل رأوا قلبي من الحب ساليا

سَلُوا هَلْ رَأَوْا قَلْبي منْ الْحُبِّ سَالِيَا

فَلِمْ هَجَرُوا صَبَّا مِنَ السُّقْمِ بَالِيَا

أَقُولُ لَهُمْ لَوْ يَسْمَعُونَ مَقَالِيَا

سَقَى اللهُ أيَّاماً مضت ولياليا

مضت فِي ديار العامرية بِالأَمْسِ

لَقَدْ خَلَتِ الأَوْطَانُ مِنْ فَتَيَاتِهَا

فَصَاحَ غُرَابُ الْبَيْنِ فِي جَنَبَاتِهَا

بِهَا كُنْتُ وَالأَيَّامُ فِي غَفَلاَتِهَا

سَحَبْتُ ذُيُولَ اللَّهْوِ فِي عَرَصَاتِهَا

وَكَانَ زَمَاني بِاللَّذَاذَةِ كَالْعِرْسِ

نَدِيمِي أَدِرْ كَأْسِي وَبِاللهِ غَنِّ لي

بِذِكْرِ غَزَالٍ سَاحِرِ الطَّرْفِ أَكْحَلِ

وَفَاتِنَةٍ زَارَتْ عَلىَ رَغْمِ عَاذِلي

سُرِرْتُ بِهَا وَالْعَاذِلاَتُ بِمَعْزِلِ

وَرُحْتُ بِرَاحٍ مِنْ مَرَاشِفِهَا اللَّعْسِ

وُجِدْتُ بِهِمْ يَوْمَ النَّوى مُذْ تَحَمَّلَتْ

رَكَائِبُهُمْ وَالدَّارُ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلَتْ

عَلىَ كَبِدِي نَارُ الْجَحِيمِ تَسَعَّرَتْ

سُلِبْتُ لَذِيذَ الْعَيْشِ لَمَّا تَرَحَّلَتْ

فَتُهْتُ بِهَا شَوْقاً وَغُيِّبْتُ عَنْ حِسِّي

نُفُوسٌ عَزِيزَاتٌ مَنْ أَذَلَّهَا

وَسَفْكُ دِمَاهَا فِي الْهَوى مَنْ أَحَلَّهَا

وَبي غَادَةٌ كالشَّمْسِ تَمْنَعُ وَصْلَهَا

سَمَحْتُ بِنَفْسِي فِي هَوَاهَ لَعَلَّهَا

تَدُومُ عَلىَ حِفْظِ الْمَوَدَّةِ وَالأُنْسِ

تًحَمِّلُ قَلْبي فِي هَوَاهَا تَحِيَّةً

وَلَمْ تَرَ بِالتَّفْرِيقِ وُدَّا وصُحْبَةً

أُنَادِي عَسَاهَا أنْ تُفَرِّجَ كُرْبَةً

سَقَتْني كُؤُساً بِالَمَحَبَّةِ صِرْفَةً

فَمِلْتُ بِهَا سُكْراً وَغِبْتُ عَلىَ حِسِّي

سَقَتْني بِكَاسَاتِ الْقَطِيعَةِ مَا سَقَتْ

وَكَمْ أَرْعَدَتْ تِيهاً عَلَيَّ وَأَبْرَقَتْ

وَقُلْتُ مَقَالاً صَادِقاً لَوْ تَحَقَّقَتْ

سَرَابِيلُ صَبْرِي فِي الْهَوى قَدْ تَمَزَّقَتْ

وَضَاقَتْ بي الدُّنْيَا كَأَنِّي فِي حَبْسِ

أَحِبَّتُنَا حَثُّوا الْمَطَايَا وَأَنْجَدُوا

وَمَا تَرَكْوا صَبْراً بِهِ أَتَزَوَّدُ

تَنَاءَوْا فَجَفْني بَعْدَهُمْ لَيْسَ يَرْقُدُ

سَتُبْلى عِظَامِي وَالْهَوى مُتَجَدِّدُ

وَمَا أنَا فِي شَكِّ لَعَمْرِي وَلاَ لَبْسِ

لَقَدْ فَازَ مَنْ أَهْوى وَقَلَّ تَجَلُّدِي

وَمُذْ رَحَلُوا عَنِّي تَجَافَيْتُ مَرْقَدِي

وَمَالِي سِوَى دَمْعِي عَلىَ الْخَدِّ مُسْعِدِي

سَأَبْسُطُ كَفِّي بِالرِّجَاءِ لِسَيِّدِي

وَأَرْفَعُ لِلرَّحْمنِ مِنْ فَاقَتي خَمْسِي

تُرَى لِلْمُعَنَّى رَاحَةً مِنْ رَحِيبِهِ

لَعَلَّ فُؤَادِي يَهْتَدِي مِنْ وَجِيبِهِ

لَهُ كُلَّ حِينٍ عِنْدَ ذِكْرِ ذُنُوبِهِ

سُؤَالٌ بِخَيْرِ الأَنْبِيَاءِ حَبِيبِهِ

شَفِيعِ الْبَرَايَا وَالْمُطَهَّرِ مِنْ رِجْسِ

هُوَ الْمُصْطَفى الْمُخْتَارُ حَقَّا لأَنَّهُ

أتَى نَحْوَهُ جِبْرِيلُ إذْ شَقَّ بَطْنَهُ

وَطَهَّرَهُ الْمَولى وَأَذْهَبَ حُزْنَهُ

سَلِيلُ خَلِيلِ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّهُ

نَبيٌّ غَدَا بِالنُّورِ أبْهى مِنَ الشَّمْسَ

شَفِيعٌ لأسْوَاءِ الْبَرِيَّةِ كَاشِفُ

بِهِ كَمْ نَجَا عَاصٍ وَآمَنَ خَائِفُ

وَإنِّي مُطِيعٌ أَمْرَهُ لاَ أُخَالِفُ

سَرَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَاللَّيْلُ عَاكِفُ

مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصى إلَى الْعَرْشِ وَالْكُرْسِي

تَرَقى عَلىَ مَتْنِ الْبُرَاقِ إلَى السَّمَا

مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصى عَزِيزاً مُكَرَّمَا

تَبَاهَى بِهِ جِبْرِيلُ لَمَّا تَقَدَّمَا

سَبِيلَ الْهُدى يَهْدِي مِنَ الْغَيِّ وَالْعَمى

فَطُوبى لِمَنْ يَهْدِي مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ

وَمِنْهُ الْتَمَسْنَا الْعِزَّ بَعْدَ إهَانةٍ

وَأخْلاَقُهُ مِنْ عِفَّةٍ وَصِيَانةٍ

أَمَانَتُهُ قَدْ نُزِّهَتْ عَنْ خِيَانَةٍ

سَمَا رَاقِياً فِي الْقُرْبِ أعْلىَ مَكَانَةٍ

وَقَدْ فَازَ بِالْمَحْبُوبِ منْ حَضْرَةِ الْقُدْسِ

لَقَدْ أَوضَحَ الْمَعْنَى بِكَشْفِهِ

وَمَنَّ بِهِ الْمَولَى عَلَيْنَا بِلُطْفِهِ

يَكِلُّ لِسَانُ الْمَدِحِ عَنْ نَعْتِ وَصْفِهِ

سَحَابٌ يَسِيلُ الْجُودُ مِنْ وَبْلِ كَفِّهِ

وَهذَا صَحِيحٌ لَيْسَ بِالْوَهْمِ وَالْحَدْسِ

لَقَدْ فَازَ بِالْعَلْيَاءِ مِنْ رَبِّهِ الْعَلِي

وَقَدْ خَصَّهُ بِالْقُرْبِ عَنْ كُلِّ مُرْسَلٍ

مَنَاقِبُهُ لَمْ يُحْصِهَا حَصْرَ مُجْمَلِ

سَخِيٌّ وَفيٌّ حَازَ كُلَّ التَّفَضُّلِ

مَعَارِجُهُ تُتْلَى وَتُقْرَأُ فِي الدَّرْسِ

رَفِيعُ الْمَعَالي لَمْ تَرَ الْْعَيْنُ مِثْلَهُ

رَؤُوفٌ رَحِيمٌ لَيْسَ نُنْكِرُ فَضْلَهُ

لَهَ السَّبْقُ لَمْ يُدْرِكْهُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ

سَلَوْتُ امْتِدَاحِي غَيْرَهُ حُرْمَةً لَهُ

رَجَاءً وَأَرْجُو أنْ يَكُونَ بِهِ أُنْسِي

بِمَدْحِي لَهُ دَارَ النَّعِيمِ أَحَلَّني

ومِنْ قَيْدِ أشْكَالِ الضَّلاَلَةِ حَلَّني

طَرِيقَ الْهُدى وَالرُّشْدِ لِلْحَقِّ دَلَّني

سُعِدْتُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ وَإنَّني

بِهِ لَسَعِيدٌ فِي الْحَيَةِ وَفي الرَّمْسِ

لَقَدْ خَصَّهُ اللهُ وَأَسْدى لَهُ الْمِنَنْ

وَعَامَلَهُ بِاللُّطْفِ فِي السِّرِّ وَالعَلَنْ

بِهِ شرُفَتْ قَيْسٌ وَسَادَتْ بِهِ اليَمَنْ

سَبِيقُ نَجَاةٍ فِي الْمِعَادِ لِكُلِّ مَنْ

عَلىَ وُدِّهِ الْمَأْلُوفِ يُصْبِحُ أوْ يُمْشِي

جَمِيعُ الْبَرَايَا لَيْسَ تَحْصُرُ فَضْلَهُ

وَلي فِيهِ مَدْحٌ لَسْتُ أَسْمَعُ مِثْلَهُ

مَدِيحُ مُحِبِّ لَيْسَ يَصْرِمُ حَبْلَهُ

سَلاَمٌ عَلَيْهِ كُلَّمَا سُطِّرَتْ لَهَ

مَدَائِحُ بِالأَقْلاَمِ فِي سَاحَةِ الطِّرْسِ