شغفت بأحوى كالقضيب المهفهف

شُغِفْتُ بِأَحْوى كالْقَضِيبِ الْمُهَفْهَفِ

تَثَانى فَمَا أبقى فُؤَاداً لِمُدْنَفِ

وَلَمَّا نَهَاني عَاذِلي وَمُعَنِّفِي

شَرَقْتُ بِدَمْعِي مِنْ غَرَامِي بِأَهْيَفِ

يُحُاكِي قَضِيبَ الْبَانِ لِيناً إذَا مَشى

يَلُومُونَنِي فِيمَنْ أُحِبُّ جُرَاءَةً

وَلَمْ يَصْغَ سَمْعِي لِلْمَلاَمِ بَرَاءَةً

غَزَالٌ غَدَا يَقْرَا الصُّدُودَ قِرَاءَةً

شَرُودٌ يَرى قَوْلَ النَّصُوحِ إِسَاءَةً

خَفِ اللهَ فِي قَتْلِ الْمُحِبِّينَ يَا رَشَا

يَمِيلُ كَغُصْنِ الْبَانِ فِي حَرَكَاتِهِ

وَيَرْنُو فَيَحْكِي الظَّبْيَ فِي لَحَظَاتِهِ

جَمِيعُ صِفَاتِ الْحُسْنِ بَعْضُ صِفَاتِهِ

شَقِيقٌ يُحَاكِي الْوَرْدَ فِي وَجَنَاتِهِ

وَآسُ عِذَارٍ فَوْقَ خَدَّيْهِ عَرَّشَا

لَهُ طَلْعَةٌ كَالْبَدْرِ وَاللَّيْلُ حَالِكُ

وَمِنْ أَجْلِهِ خَفَّتْ عَلَيَّ الْمَسَالِكُ

وَمَا الدَّمْعُ إلاَّ شَافِعِي وَهُوَ مَالِكُ

شَهِيُّ اللَّمى فِي مُهْجَةِ الصَّبِّ فَاتِكُ

بِأَسْهُمِ لَحْظٍ فِي الْقُلُوبِ كَمَا يَشَا

فُؤَادُ الْمُعَنَّى دَائِماً فِي خُفُوقِهِ

يَذُوبُ أَسىً مِمَّا بِهِ منْ حَرِيقِهِ

لأَجْلِ حَبِيبٍ سَكْرَتِي مِنْ رَحِيقِهِ

شَرَاباً سَقَانِي مِنْ سُلاَفَةِ رِيقِهِ

فَأَذْهَلَ عَقْلي عِنْدَ ذَاكَ وَأَدْهَشَا

ذَوَارِفُ دَمْعِي كَالسَّحَابِ الْهَوَامِعِ

نَفِيضُ وَلَيْسَ الْعَذْلُ فِيهِ بِنَافِعِ

وَلَمَّا جَفَا جَنْبي لَذِيذُ الْمَضَاجِعِ

شَكَوْتُ الضَّنى مِنْهُ وَفَيْضُ الْمَدَامِعِ

سَقى كُلَّ رَبْعٍ كَانَ قِدْماً مُعَطَّشَا

مُعَذَّبَتي حُزْتِ الْمَلاَحَةَ فَاحْكُمِي

عَلَى عاشق حِلْفِ الصَّبَابَةِ مُغْرَمِ

قِفِي وَاسْمَعِي مَاذَا لأَقُولُ لِتَعْلَمِي

شَكِيَّةَ مَحْزُونِ الْفُؤَادِ مُتَيَّمِ

كَئِيبٍ وَمِنْ فَرْطِ الضَّنى قَدْ تَشَوَّشَا

تَوَلَّى زَمَاني فِي صُدُودٍ وَفي مَلَلْ

وَقَدْ مَرَّ عُمْرِي ضَائِعاً وَانْقَضَى الأَجَلْ

ومِنْ وَصْلِ مَنْ أَهْوَاهُ لَمْ أَبْلُغِ الأَمَلْ

شَقِيتُ زَمَاني بِالْعِتَابِ وَلَمْ أَزَلْ

لِمَا حَلَّ بِي أَشْكُو إلَيْهِ تَحَرُّشَا

سَرَوْا بِفُؤَادٍ مُسْتَهَامِ مُعَلَّلِ

وَبَانُوا فَأَضْحَى الصَّبْرُ عَنْهُمْ بِمَعْزِل

وَلَمَّا حَدَا الْحَادِي عَدِمْتُ تَحَمُّلي

شَقَقْتُ جُيُوباً لِلْوَدَاعِ وَحُقَّ لي

أَشُقُّ فُؤَادِي لاَ أُبَالي بِمَنْ وَشى

بِقَلْبي غَدَوْا لَمَّا حَدَوْا بِالرَّوَاحِلِ

وَلَمْ يَسْمَحُوا لي مِنْهُمُ بِالرَّسَائِلِ

لَقَدْ هَيَّجَتْ يَوْمَ الْفِرَاقِ بِلاَ بِلي

شَمَاتَةُ حُسَّادِي وَلَوْمُ عَوَاذِلي

نَفَى النَّوْمَ حَتى أَطْلَقَ النَّارَ فِي الْحَشَا

مَلِيحٌ كَبَدْرِ التِّمِّ يَجْلُو عَلىَ فَنَنْ

نَأَى فَنَأَتْ عَنْ مُقْلَتي لَذَّةُ الْوَسَنْ

وَلَمَّا رَأَيْتُ الْعِشْقَ يَقْضِي عَلىَ فَتًى

شَغَلْتُ فُؤَادِي عَنْ هَوَاهُ بِحُبِّ مَنْ

بِقَلْبي لَهُ طَيْرٌ مِنَ الْحُبِّ عَشَّشَا

فُؤَادِي غَدَا مِنْ شِدَّةِ الشَّوْقِ فِي ظَمَا

إلَى نَحْوِ مَنْ فَوْقَ السَّموَاتِ قَدْ سَمَا

وَلَوْلاَهُ مَا اشْتَقْتُ الْحَطِيمَ وَزَمْزَمَا

شُغِفْتُ وَقَلْبي بَاتَ فِي الْحُبِّ مُغْرَمَا

بِأَكْرَمِ خَلْقٍ فِي الْبَرِيَّةِ قَدْ نَشَا

أَمِينٌ عَلىَ وَحْيِ الإلهِ وَدِِينِهِ

وَبِالْغَيْبِ يُنْبي مُخْبِراً عَنْ أَمِينِهِ

وَمِنْ حَوْضِهِ نُسْقى غَداً بِيَمِينِهِ

شُعَاعُ ذُكَاءِ مِنْ صَبَاحِ جَبِينِهِ

وَطُرَّتُهُ لَيْلٌ إذَا اللَّيْلُ أَغْطَشَا

تُقَادُ مَطَايَانَا بِغَيْرِ أزِمَّةٍ

تَسِيرُ لِأشْوَاقٍ وَتَسْرِي بِعَزْمَةٍ

مُنَاهَا لِتَحْظى مِنْ ثَرَاهُ بِشَمَّةٍ

شَفِيعٌ رَحِيمٌ فِي الْحِسَابِ لأُمَّةٍ

بِهِ أَنِسُوا فِي مَنْزِلٍ ظَلَّ مُوحِشَا

ألاَ أَيُّهَا الْحَادِي الْمُجِدُّ بِرَكْبِهِ

ألاَ خُذْ فُؤَادِي لِلْعَقِيقِ وَسِرْ بِهِ

فَقَدْ قَالَ لي مَنْ زَارَهُ عِنْدَ قَبْرِهِ

شَمَمْتُ فَتِيقَ الْمِسْكِ مِنْ نَشْرِ تُرْبِهِ

فَهَيَّمَ ذَاكَ النَّشْرُ قَلْبِي وَأدْهَشَا

نَزَلْنَا بِوَادِي الْمُنْحَنى وَهِضَابِهِ

فَهَانَ الَّذِي قَدْ نَالَني مِنْ صِعَابِهِ

وَفُزْنَا بإدْرَاكِ الْمُنى مِنْ ثَوَابِهِ

شَبَاباً وَشِيباً قَدْ وَقَفْنَا بِبَابِهِ

فَعَوَّضَنَا أَمْناً جَمِيلاً مِنَ الدَّهْشَا

رَؤُفٌ بِمَنْ يَسْعَى إلَيْهِ وَيَلْطُفُ

فَلُذْ بِحِمَاهُ تَنْجُ يَا مُتَخَوِّفُ

رَسُولٌ أَمِينٌ لِلْعِبَادِ مُشَرِّفُ

شَكُورٌ صَبُورٌ رَحِمٌ مُتَعَطِّفُ

مَحَاسِنُهُ تُبْرِي الْعُيُونَ مِنَ الْغِشَا

لَهُ رُتْبَةٌ تَسْمُو بِهِ وفَضَائِلُ

وَأَحْكَامُهُ مَقْبُولَةٌ وَهْوَ عَادِلُ

وَمَنْ ذَا يُضَاهِي قَدْرَهُ أَوْ يُمَاثِلُ

شُعُوبٌ أَطَاعَتْ أَمْرَهُ وَقَبَائِلُ

بِطَائِرِ إيَمانٍ و أَمْنٍ تَرَيَّشَا

أَهِيمُّ بِعَزْمٍ يَقْتَضِي السَّيْرَ فِي غَدِ

فَيَمْنَعُني الْحِرْمَانُ عَنْ نَيْلِ مَقْصِدِي

وَمَنْ فَرْطِ أشْوَاقِي لَهُ وَتَرَدُّدِي

شُهِرْتُ بِمَدْحِي فِي النَّبِيِّ مُحَمَّدِ

وَحُبِّي لَهُ بَيْنَ الْبَرِيَّةِ قَدْ فَشَا

بَلَغْتُ بِهِ سُؤْلي وَنِلْتُ بِهِ الْمُنى

وَقَدْ تَمَّ لِي الْمَقْصُودُ فِي الدِّينِ وَالدُّنَا

أَقُولُ مَقَالاً بِالْحَقِيقَةِ مُعْلِنَا

شَهِدْتُ بِأَنَّ اللهَ أرْسَلَهُ لَنَا

شَهَادَةَ عَدْلٍ لَمْ يَكُنْ قَابِلَ الإرْشَا