غرير كحيل قد زها في فنونه

غَرِيرٌ كَحِيلٌ قَدْ زَهَا فِي فُنُونِهِ

يُرِيكَ هِلاَلاً طَالِعاً مِنْ جَبِينِهِ

رَمَاني بِسَهْمٍ مِنْ سَوَادِ جُفْونِهِ

غَزَالٌ سَبى عَقْلي بِدُعَجِ عُيُونِهِ

بِوَجْهٍ حَكَاهُ الْبَدْرُ وَالْبَدْرُ بَازفُ

تَبَدى كَبَدْرٍ لاَحَ مِنْ تَحْتِ غَيْهَبِ

وَيَرْنُو فَيُضْنِيني بِمُقْلَهِ أشنَبِ

طَلَبْتُ رِضاهُ لَوْ ظَفِرْتُ بِمَطلَبي

غَرِيرٌ حَمى عَنَّا لَمَاهٌ بِعَقْرَبِ

مِنَ الصُّدْغِ يَسْعى وَهْوَ فِي الْقَلْبِ لاَدِغُ

هَوَاهُ بِقَلْبي قَدْ أقَامَ وَعَرَّسَا

وَشَيَّدَ بُنْيَانَ الْغَرامِ وَأسَّسَا

وَقَدْ صِرْتُ لاَ أدْرِي الصَّبَاحَ مِنْ الْمَسَا

غَرَفْتُ هَوَاهُ فِي حَشىً حَشْوُهَا أَسَى

ولَكِنَّهُ خَالٍ مِنَ الصَّبْرِ فَارِغُ

شَكَوْتُ لَهُ حَالي وَفَرْطَ تَشَوُّقي

فَلَمْ يَرَ ذُلِّي فِي الْهَوى وَتَحَرُّقي

سُهَادِي بِهِ لاَ يَنْقَضِي وَتَأَرُّقي

غُلاَمٌ سَبى عَقْلي فَشَيَّبَ مَفْرِقي

وَمَا بَصَرِي لَمَّ نَأَى عَنْهُ زَائِغُ

بِعيْني حَبِيبٌ حَرُبُهُ مِثْلُ سَلْمِهِ

قَوِيٌّ عَلىَ ضَعْفِي يَجُورُ بِظُلْمِهِ

فُؤَادِي أسِيرٌ لاَ يَزَالُ بِهَمِّهِ

غَرَامِي غَرِيمي وَالْهَوى طَوْعُ حُكْمِهِ

فَإنْ رَامَ أمْراً فَهْوَ لِلأَمْرِ بَالِغُ

أبِيتُ وَلي قَلْبٌ مِنَ الْحُبِّ مَا صَحَا

وَلَيْسَ يُرَاعِي مَنْ يَلُومُ وَمَنْ لَحَا

وَقَدْ لاَحَ بي شَوْقي إلَيْهِ وَبَرَّحَا

غَدَائِرُهُ لَيْلٌ وَطُرَّتُهُ ضُحَى

وَرِيقَتُهُ الشَّهْدُ الَّذِي هُوَ سَائِغُ

تَبَدَّى يْحَاكِي الْبَدْرَ عِنْدَ تَمَامِهِ

فَهَيَّجَ عِنْدِي لَوْعَةً مِنْ غَرَامِهِ

يَروُمُ دَمِي وَالْقَلْبُ تَحْتَ ذِمَامِهِ

غَزَاني بِلَدْنِ أَسْمَرٍ مِنْ قَوَامِهِ

فَلَمْ يَكُ لي دِرْعٌ مِنَ الصَّبْرِ سَابِغُ

أرَى جَفْنَ عَيْني فِي هَوَاهُ مُوَّرَّقُ

وَجِلْبَابَ صَبْرِي لِلْبِعَادِ مُمَزَّقُ

أقُولُ وَفِي قَلْبي جَوَى الْبَنْينَ يَخْفُقُ

غُرَابُ غَرَامِي ظَلَّ بِالْبَينِ يَنْعِقُ

وَلاَ غَرْوَ أنْ يَنْعَى وَقَدْ لاَحَ زَائِغُ

أسِيرُ هَوَاهُ كَيْفَ يُرْجَى لأسْرِهِ

فَكَاكٌ وَقَدْ حَازَ الْفُؤَادَ بِأسْرِهِ

حَبِيبٌ يُجَازِي مَنْ يُصَافي بِغَدْرِهِ

غَدَوْتُ وَفِي قَلْبِي لِسَوْرِةِ هَجْرِهِ

أَسَاوِرُ رُقْطٌ لِلْقُلُوبِ لَوَادِغُ

غرامي بِهِ فِي الناس قَدْ ظَلَّ شَائِعَا

وَصَبْرِي عَصَى وَالْوَجْدُ مَازَالَ طَائِعَا

وَلَمَّا رَأيْتُ الشَّيْبَ وَافَى مُسَارِعَا

غَرِمْتُ زَمَاناً فِي الصِّبَا مَرَّ ضَائِعَا

عَلَيَّ وَأفْنَاهُ الْحَبِيبُ الْمُوَازِغُ

مَلْولُ سَبَى عَقْلِي وَلِلْقَلْبِ قَدْ فَتَنْ

نَفى عنْ جُفُوني حُبُّهُ لَذَّةَ الْوَسَنْ

أَقُولُ لِصَحْبي زَالَ مَا بي مِنَ الْحَزَنْ

غَنِيتُ لَعَمْرِي عَنْ هَوَاهُ بِحُبِّ مَنْ

لَهُ مَنصِبٌ فَوْقَ السِّمَاكَيْنِ بَالِغُ

أُحِبُّ نَبِيًّا بِالشَّفَاعَةِ مُنْجِيَا

مَحَبَّةَ صِدْقٍ فِي الْوِدَادِ بِلاَ رِيَا

لَقَدْ خَفَّ عَنَّي مَا وَجَدْتُ مِنَ الْعَيَا

غَمَامٌ سَكُوبٌ مُمْطِرٌ طَيِّبُ الْحَيَا

وَمَا زَالَ فِي بَحْرِ الْمَعَاطِي يُبَالِغُ

علَوْنَا بِهِ قَدْراً عَلَى كُلِّ أُمَّةٍ

وَنِلْنَا بِهِ جَاهاً وَفُزْنَا بِنِعْمَةٍ

نَبيٌّ رَحِيمُ ذُو رَشَادٍ وَعِصْمَةٍ

غَرِيزَتُهُ قَدْ أظْهَرَتْ كُلَّ حِكْمَةٍ

لَهَا غُرَرٌ فِي الْحَافِقَيْنِ بِوَازِغُ

لَقَدْ خَصَّهُ الْمَولَى وَأعْلىَ مَنَارَهُ

وَفي لَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ أدْنى مَزَارَهُ

وَمَا زَالَ لِلْجَاني يُقِيلُ عِثَارَهُ

غَيُورٌ لِدِينِ اللهِ يَحْمِي ذِمَارَهُ

بِعَزْمٍ لِهَامِ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ دَامِغُ

تَأَرَّجَتِ الأَكْوَانُ مِنْ طِيبِ نَفْحِهِ

فَضَاءَتْ لَهُ الأكْوَانُ مِنْ نُورِ لَمْحِهِ

ظَلاَمٌ جُلِي عَنَّا بِأْنْوَارِ صَحْوِهِ

غَلاَ كُلُّ شِعْرٍ قَدْ حَوَى دُرَّ مدْحِهِ

فَمَا عَنْهُ طرْفُ الْفِكْرِ وَالذِّكْرِ زَائِعُ

لَقَدْ فَازَ عَبْدٌ فِيهِ حَقَّقَ ظَنَّهُ

وَمِنْ خَوْفِهِ بِالْعَفْوِ قَدْ نَالَ أمْنَهُ

يُرَجى كَمَا نَرْجُو مِنَ الْغَيْبِ مُزْنَهُ

غَنِمْتُ مَدِيحِي فِي النَّبيِّ لأنَّهُ

أسَاوِرُ مِنْ تِبْرِ وَفِكْرِي صَائِغُ

هَنِيئاً وَيَا بُشْرى لِمَنْ كَانَ جَارُهُ

وَطُوبى لِمُشْتَاقٍ إلَيْهِ ازْدِيَارُهُ

فَمَا حَالُ صَبِّ عَنْهُ شَطَّ مَزَارُهُ

غَلِيلُ فُؤَادِي لاَ يَقَرُّ قَرَارُهُ

وأدْمُعُ عَيْني لِلْخُدُودِ صَوَابِغُ

حَبِيبٌ رَآهُ اللهُ أهلاً لِحُبِّهِ

وَأُرْسِلَ جِبْرِيلٌ لِتَطْهيرِ قَلْبِهِ

وَلَمَّا شَمَمْتُ الْمِسْكَ مِنْ نَشْرِ تُرْبِهِ

غِشَاوَةُ نُورِ القلب زَالَتْ بِحُبِّهِ

فَلَمْ يَخْشَ شَيْطَانٌ إلَى الزَّيْغِ نَازِعُ

يُخَافُ وَلاَ لَيْثْ الْعَرِينِ إذَا بَدَا

وَيَرْجُو لِمَنْ قَدْ حَازَ مِنْ طِيبِهِ النَّدى

لَهُ الطَّوْلُ فِي الْعَلْيَاءِ وَالسَّبْقُ فِي الْمَدى

غُبِنْتُ لِبُعدِي عَنْهُ وَالشَّوْقُ قَدْ غَدَا

يُهَيِّجُ نَاراً فِي حَشَائِي تُبَالِغُ

أوَامِرُهُ فِي الْخَلْقِ أضْحَتْ مُطَاعَةً

وَأَحْكَامُهُ بِالْقِسْطِ صَارَتْ مُشَاعَةً

وَمَدْحِي لَهُ يَرْقى وَيَبْقى بِضَاعَةً

غَرِيقُ ذُنُوبٍ حَيْثُ أرْجُو شَفَاعَةً

لِيُدْرِكَني عَيْشٌ مِنَ الْخُلْدِ سَابِغُ