هبوا الصبر قلبا بات بالحب موجعا

هبُوا الصَّبْرَ قَلْباً بَاتَ بِالْحُبِّ مُوجَعَا

بَكَادُ مِنَ الأَشْوَاقِ أنْ يَتَقَطَّعَا

أُنَادِي وَدَمْعِي فاضَ فِي الْخَدِّ أرْبَعَا

هَوَاكُمْ بِقَلْبي لَمْ يَدَعْ فِيهِ مَوْضِعَا

لِغَيْرِكُمُ يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ يَهْوَاهُ

أَحِنُّ إلَى بَانِ الأُجَيْرِعِ وَاللّوى

وَصَفْوُ زَمَانِي لاَ يُكَدِّرُهُ النَّوى

لَقَدْ زَادَ فِي قَلْبِي التَّحَرُّقُ وَالْجَوى

هَوَانَا بِهِ كَمْ يَحْمِلِ الصَّيْحَ فِي الْهَوى

وَمِنْ شَوْقِكُمْ لَمْ يَبْقَ إلاَّ بَقَايَاهُ

جَفَيْتُمْ وَمَا كَانَ الْجَفَا شِعَارِكُمْ

وَهِبْتُمْ مُحِبَّا بَاتَ يُصْلى بِنَارِكُمْ

مُنَاهُ بِأنْ يَجْنِي الْمُنى مِنْ ثِمَارِكُمْ

هُبُوبُ الصًّبَا يَحْيى بِهَا مِنْ دِيَارِكُمْ

وَيُسْكِرهُ نَشْرُ الْحِمى وَخُزَامَاهُ

مَحَبَّتُكُمْ فِي مُهْجَتِي مَا أَحَلَّهَا

وَقَتْلُ نُفُوسٍ فِي الْهَوى مَنْ أَحَلَّهَا

نَبَارَكَ مَنْ بِالْحُبِّ قَهْراً أَذَلَّهَا

هبُوا لِلْمُعَنى نَظْرَةً فَلَعَلَّهَا

تُبَرِّدُ نِيرَاناً ثَوَتْ بَيْنَ أَحْشَاهُ

سِهَامُ جَفَاكُمْ قَدْ ألَمَّتْ بِمَقْتَلِي

وَقَدْ جَرَّعَتْنِي عَاصِرَاتِ بِحَنْظَلِ

فَرقٌّوا لِصَبِّ ذِي فُؤَادِي مُعَلَّلِ

هِلاَلٌ بِعِيدِ الْوَصْلِ مَا آنَ يَنْجَلي

سَحَابُ الْجَفَا عَنْهُ وَأَحْظى بِرُؤْيَاهُ

وَعَدْتُمْ وَلَمْ تُوفُوا لَنَا بِوَعُودِكُمْ

وَلاَ عَيْشَ لي يَهْنَا بِغَيْرِ وُجُودِكُمْ

وَمَاذَا عَلَيْكُمْ لَوْ سَمَحْتُمْ بِجُودِكُمْ

هَوِيتُ الضَّنى مُسْتَعْذِباً لِصُدُودِكُمْ

وَلَوْلاَ رِضَاكُمْ فِيهِ مَا كُنْتُ أَهْوَاهُ

أُكَاتِمُ وَجْدِي ثُمَّ أُبْدِي تَجَلُّدَا

وَلَمْ أَرَ لي يَوْمَ الْقِيمَةِ مُنْجِدَا

سِوَى الدَّمْعِ مِنْ عَيْني عَلىَ الْخَدِّ مُسْعِدَا

هَوَادِجُكُمْ سَارَتْ سُحَيْراً وَقَدْ غَدَا

بِهَا سَائِقٌ وَالرَّكْبُ قَدْ جَدَّ مَسْرَاهُ

وَفَيْتُ لَكُمْ جَازَيْتُمُوني بِغَدْرِكُمْ

وَأخْفَيْتُ مَا ألْقَاهُ صَوْناً لِسِرَّكُمْ

وَمَالي أنِيٍسٌ فِي الدُّجى غَيْرَ ذِكْرِكُمْ

هَدَدْتُمْ وِدَادَ الْمُسْتَهَامِ بِهَجْرِكُمْ

وَحَاشَاكُمْ أنْ تُهْمِلُوهُ وَحَاشَاهُ

وَحَقِّكُمُ مَا حُلْتُ عَنْ حِفْظِ وِدِّكُمْ

وَلاَ رُمْتُ سُلْوَانَاً وَنَقْضاً لِعَهْدِكُمْ

قِفُوا لِلَّذِي قَدْ صَارَ عَبْداً لِعَهْدِكُمْ

هَجَرْتُمْ فَلاَ عَيْشٌ يَلَذُ لِبُعْدِكُمْ

وَلَذَّةُ قُرْبِ الْعَيْشِ مَا كَانَ أَهْنَاهُ

أَيَا مُلْبِسِي ثَوْبَ الْمَذَلَّةِ بِالَّذِي

أَعَزَّكَ صِلْنِي قَدْ مَنَعْتَ تَلَذُّذِي

فَلَمْ يَسْمَعِ الشَّكْوى وَلَمْ يَكُ مُنْقِذِي

هَرَبْتُ بِعَزْمِي مُسْتَغِيثاَ إلَى الَّذِي

إلهُ الْوَرى مِنْ قَابِ قَوْسَيْنِ أَدْنَاهُ

نَعِيمِي وَعَيْشِي لَمْ يَزَلْ دَائِماً هَنِي

بِمَدْحِ نَبيِّ بِالشَّفَاعَةِ يَغْتَنِي

وَإنْ عَاقَنِي الْحِرْمَانُ عَنْهُ وَصَدَّنِي

هُوَ الْمُصْطَفى الْمُخْتَارُ حَقَّاً وَإنَّنِي

سِوَاهُ لِدَفْعِ الْبُؤْسِ لاَ أَتَرَجَّاهُ

لِطَيْبَةَ يَسْعَى أهْلُ شَرْقٍ وَمَغْرِبِ

لِيَحْظُوا بِمَا يَرْجُونَ مِنْ ذَاكَ النَّبِي

فَنَالُوا بِهِ مِنْ رَبِّهِمْ كُلَّ مَطْلَبِ

هِضَابٌ قَطَعْنَاهَا إلى نَحْوِ يَثْرِبِ

بِزَوْرَةِ هَادٍ بِالْهُدى خَصَّهُ اللهُ

هَوَاهُ مُقِيمٌ بَيْنَ أحْشَايَ قَدْ دُفِنَ

وآدَمُ بَيْنَ الطِّينِ وَالْمَاءِ قَدْ عُجِنْ

وَمَنْ جَاءَ مِثْلي فِي الْمَعَادِ فَقَدْ أَمِنْ

هَنِيئاً لِعَبْدٍ حَلَّ فِي أرْضِهِ وَإنْ

يَكُنْ غَابَ عَنْ عَيْنِي فَفِي الْقَلْبِ مَثْوَاهُ

رَسِيسً بِقَلْبي قَدْ حَوَتْهُ الأضَالِعُ

وَقَدْ قَرَّحَتْ أجْفَانَ عَيْني الْمَدَامِعُ

وَعَزْمِي إلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مُسَارِعُ

هَمَمْنَا بِأنْ نَسْعى فَلَوْلاَ مَوَانِعُ

تُعَوِّقُنَا كُنَّا عَلىَ الرَّأسِ زُرْنَاهُ

تَرَقى مَكَاناً لَمْ يَكُنْ فِي ضمِيرِهِ

وَقَدْ نَالَ عِزَّا فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ

فَلاَ مَطْمَعٌ فِي نَاظِرٍٍ بِنَظِيرِهِ

هَدَى اللهُ كُلَّ الأَنْبِيَاءِ بِنُورِهِ

وَنَالُوا مِنَ الرَّحْمنِ أوفى عَطَايَاهُ

هَنِيئاً لِمَنْ أضْحى مُحِبَّا لِصَحْبِهِ

وَعِتْرَتِهِ وَالْمُرْتَضى خَيْرِ حِزْبِهِ

سَيُسْقى غَداً كَأْساً يَلَذُّ بِشُرْبِهِ

هُدِينَا بِهِ رُشْداً وَفُزْنَا بِقُرْبِهِ

وَلَوْلاَهُ لَمْ نُرْشَدْ إلى الْحَقِّ لَوْلاَهُ

شَرِيعَتُهُ الْبَيْضَاءُ لِلدِّينِ مَهَّدَتْ

وَقَدْ نَفَتِ الأشْكَالَ عَنْهَا وَشَرَّدَتْ

وَمَا ضَرَّعَيْني لَوْ أَطَاعَتْ وَأسْعَدَتْ

هَجِيرٌ لِنَارِ بِالْبِعَادِ تَوَقَّدَتْ

وَلَمْ يُطْفِهَا عَنَّي سِوَى بَرْدِ لُقْيَاهُ

جَلاَ ظُلَماً عَنَّا بِنُورِ صَبَاحِهِ

فَكَانَ صَبَاحاً مُسْفِراً بِنَجَاحِهِ

بِهِ شَرُفَ الْوَادِي وَأهْلُ بِطَاحِهِ

هَزَزْنَا قُلْوباً نَحْوَهُ بِامْتِدَاحِهِ

فَهَامُوا بِهِ شَوْقاً وَفي حُبِّهِ تَاهُوا

حَنِينِي إلَيْهِ لاَ يَزَالُ وَمَا سَلاَ

فُؤَادِي عَلىَ بُعْدِ الْمَزَارِ وَمَا قَلى

لَقَدْ فَازَ بالرَّضْوَانِ وَالْمَجِْدِ وَالْعُلى

هِبَاتٌ مِنَ الرَّحْمنِ مَنَّ بِهَا عَلى

قُلُوبٍ مَشُوقَاتٍ إلَى الْحَشْرِ تَهْوَاهُ

لَهُ طَلْعَةٌ نَزْهُو عَلىَ بَدْرِ تِمِّهِ

وَقَدْ قَرَنَ الْمَحْمُودُ أَحْمَدَ بِاسْمِهِ

وَفي حَرْبِهِ مَازَالَ عَوْناً وَسِلْمِهِ

هَوَايَ لأَرْضٍ حَلَّ فِيهَا بِجِسْمِهِ

سَقى تُرْبَهَا مَاءُ الْحَيَاةِ وَحَيَّاهُ