يمينا بمن زار الحطيم وزمزما

يَمِيناً بِمَنْ زَارَ الْحَطِيمَ وَزَمْزَمَا

وَمَنْ طَافَ بِالْبيْتِ الْعَتِيقِ وَأَحْرَمَا

لَقَدْ خَلَّفُونِي نَاحِلَ الْجِسْمِ مُغْرَمَ

بَبُوحُ بِسِرَّي دَمْعُ عَيْني وَكُلَّمَا

قَصَدْتُ احْتِبَاسَ الدَّمْعِ يَسْبِقُني جَرْيَا

لَقَدْ خَضَعَتْ قَهْراَ لَدَيْهِمْ رُؤُسُنَا

وَذِكْرُهُمُ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَنِيسُنَا

وَقَدْ مُلِئَتْ بِالْحُبِّ صِرْفاً كُؤُسُنَا

يَهُونُ عَلَيْنَا أَنْ تُبَاعَ رُؤُسُنَا

بِوَصْلٍ وَلَوْ جِئْنَا عَلىَ رَأْسِنَا سَعْيَا

مَلَكْتُمْ فُؤَاداً لاَ يَزَالُ مُعَلَّلاَ

بِسَوْفَ وَحَتى وَهْوَ فِي الْحُبِّ مَا سَلا

جَعَلْتُمْ نَصِيبي مِنْكُمُ الْهَجْرَ وَالْقَلاَ

يَرَاني عَذُولي فِي هَوَاكُمْ مُمَلَّلاَ

قَتِيلَ اشْتِيَاقٍ وَهْوَ يَحْسِبُني حَيَّا

يَلُومُونَنِي فِي سَاحِرِ الطَّرْفِ قَدْ رَمى

بِقَلْبيَ مِنْ تِلْكَ اللَّوَاحِظِ أَسْهُمَا

إذَا رُمْتُ أَنْ أُخفِي الْغَرَامَ وَأكْتُمَا

يَزِيدُ اشْتِيَاقِي كُلَّمَا ذُكِرَ الْحِمى

سَقَى تُرْبَهُ دَمْعِي وَحَيَّا بِهِ الْحَيَّا

بِذَاتِ النَّقَا وَالْبَانِ مِنْ أَيْمَنِ الْغَضى

مُحِبًّا بَكَى عَيْشاً تَصَرَّمَ وَانْقَضى

وَإنْ غَرَّدَ الْحَادِي سُحَيْراً وَفَوَّضَا

يُذَكِّرُنِي بَرْقُ الْحِمى زَمَناً مَضى

وَإنْ سِرْتُ فِي وَجْدِ يَقُولُ الْهَوَى هَيَّا

وَأهْوى رَشِيقَ الْقَدِّ زَادَ مَلاَحَةٍ

يَهُونُ عَلَيَّ الْمَوْتُ فِيهِ سَمَاحَةً

وَفي بَحْرِ صَبْرِي مَا عَرَفْتُ سَبَاحَةً

يَقُولُونَ أضْحَى الْحُبُّ للِصَّبِّ رَاحَةً

وَرُشْداً فَألْفَيْتُ الشَّقَاوَةَ وَالْغَيَّا

تَرَحَّلَ مَنْ أَهْوى وَسَارَتْ نِيَاقُهُمْ

وَكَانَ إِلَى وادي العقيق مساقهم

وجثوا مطاياهم وجد سباقهم

يَعِزُّ عَلَيْنَا هَجْرُهُمْ وَفِرَقُهُمْ

وَيَشْكُو هَجِيرَ الْهَجْرِ مَنْ عَدِمَ الْغَيَّت

رَعَى اللهُ سَادَاتٍ سُقِينَا بِحُبِّهِمْ

وَقَدْ عَذَّبُوا بِالْهَجْرِ قَلْبَ مُحِبِّهِمْ

تَقَاصَرَ صَبْرِي مِنْ تَطَاوُلِ عَتْبِهِمْ

يُهَنَّأ بِهِمْ غَيْرِي وَيَحْظى بِقُرْبِهِمْ

وَنِيرَانُهُمْ تُكْوى بِهَا كَبِدِي كَيَّا

أَيَا صَاحِبي بَلَّغْ سَلاَمِي مُبَيِّنَا

وَأخْبِرْهُمُ عَمَّا لَقِيتُ مِنَ الْعَنَا

حَلَفْتُ لَهُ وَالْجِسْمُ يُكْوى مِنَ الضَّنى

يَمِيناً بِأصْوَاتِ الْحَجِيجِ عَلىَ مِنى

لَقَدْ فَوَّقُوا سَهْماً فَمَا أخْطَأَ الرَّمْيَا

وَعَرِّجْ إذَا جِئْتَ الأُجَيْرِعَ وَالنَّقَا

عَلىَ مَنْ بِقَيْدِ الْحُبِّ أَصْبَحَ مُوثَقَا

إذَا مَا بَدَا الْبَرْقُ اللَّمُوعُ وَأَبْرَقَا

يَذُوبُ فُؤَادِي حَسْرَةً وَتَشَوُّقَا

إلَى خِيْرِ مَنْ حَازَ الْفَضَائِلَ وَالْعَلْيَا

لَقَدْ طَابَ أَصْلاً مِثْلَ مَا طَابَ مَوْلِدَا

وَكَمْ رَدَّ حَيْرَاناً عَتَا وَتَمَرَّدَا

بِهِ جَاهُنَا بَاقٍ إلَى آخِرِ الْمَدى

يَدَاهُ سَحَابٌ جُودُهَا طَيِّبُ النَّدى

يَبُلُّ بِهَا الصَّادِي وَيَرْوى بِهَا رِيَّا

إلَى حُجْرَةِ الْهَادِي قَطَعْنَا مَسَافَةً

بِهَا قَدْ أَمِنَّا رَوْعَةً وَمَخَافَةً

رَسُولٍ بِهِ لَمْ نَخْشَ ي الْحَشْرِ آفَةً

يُخَافُ وَيُرْجى هَيْبَةً وَلَطَافَةً

أَمِنَّا بِهِ الْمَحْذُورَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا

رَحِيمٌ بِهِ الرَّحمنُ أظْهَرَ دِينَنَا

وَأَذْهَبَ عَنَّا بِالشَّفَاعَةِ شَيْنَنَا

وَحَقَّقَ فِيهِ ظَنَّنَا وَيَقِينَنَا

يَعِزُّ عَلَيْنَا أن نَعِيشَ وَبَيْنَنَا

مَسَافَةُ بَيْنٍ كَيْفَ لاَ تَنْطَوِي طَيَّا

شَذَا عَرْفِهِ أَذْكى مِنَ الْمِسْكِ أَطْيَبَا

وَرِيقَتُهُ كانَتْ مِنَ الشَّهْدِ أَعْذَبَا

وَمَوْلِدُهُ قَدْ شَاعَ شَرْقاً وَمَغْرِبَا

يَفُوقُ عَلىَ كُلِّ النَّبِيِّينَ مَنْصِبَا

وَلاَ مِثْلُهُ فِي النَّاسِ شِبْهاً وَلاَ زِيَّا

تَعَطَّرَاِ الأَكْوَانُ مِنْ نَشْرِ عَرْفِهِ

وَحَازَ مِنَ الإحْسَانِ أَضْعَافَ ضِعْفِهِ

وَقَدْ زَادَهُ الْمَوْلِى فُنُوناً بِلُطْفِهِ

يَكِلُّ لِسَانِي أنْ يقُومَ بِوَصْفِهِ

نَبيٌّ مُهَابٌ قَدْ حوى الأمر والنهيا

وأوصافه لَمْ تخلُ عَنْ ذِكْرِ ذَاكِرِ

مُقِيمٌ بِقَلْبي جَائِلٌ فِي سَرَائِري

يَرِقُّ إلَيْهِ كُلُّ قَلْبٍ وَخَاطِرِ

يَحِنٌّ إلَيْهِ كُلًّ بَادٍ وَحَاضِرِ

وَيَجْذِبُهُ فَرْطُ الْحَنِينَ إلىَ اللُقْيَا

نَبِيُّ الْهُدى قَدْ طَارَ بالأَمْنِ طَيْرُهُ

وَكَانَ إلَى أَعْلىَ الْمَقَامَاتِ سَيْرُهُ

وَحَيَّاهُ بِالتَّسْلِيمِ فَازْدَادَ خَيْرُهُ

يَعِيشُ بِهِ قَلْبي هَنِيئاً وَغَيْرُهُ

سَيَصْلى سَعِيراً لاَ يَمُوتُ وَلاَ يَحْيَا

تَرَقى بِهِ جِبْرِيلُ نَحْوَ حَبِيبِهِ

لِتَوْفِيرِ فَضْلٍ نَالَهُ دُونَ صَحْبِهِ

شَفِيعٌ مُطَاعٌ فَازَ لاَئِذُ حِزْبِهِ

يَفُوحُ عَبِيقُ الْمِسْكِ مِنْ نَشْرِ طِيبِهِ

وَيَا حَبَّذَا عَرْفٌ يُشَمُّ لَهُ رَيَّا

صَفُوحُ عَنِ الْجَابِي يَجُودُ بِحِلْمِهِ

إذَا جَاءَهُ مُسْتَغْفِراً بَعْدَ ظُلْمِهِ

حَفِظْنَا لَهُ وُدَّا فَفُزْنَا بِسَلْمِهِ

يُنَبَّأُ بِالْمَخْفِيِّ مِنْ عِلْمِ سِرِّهِ

يَقِيناً إذَا جِبْرِيلُ أَسْمَعَهُ الْوَحْيَا

مَدَدْتُ إلى الرَّحْمنِ مِنْ فَاقَتي يَدِي

وَأَجْهَدْتُ نَفْسِي كَيْ تَرَى الْفَوْزَ فِي غَدِ

لِمَا نَالَ قَلْبي مِنْ جَوًى مُتَصَعِّدِ

يَهِيجُ غَرَامِي عِنْدَ ذِكْرِي لأَحْمَدِ

كأَنِّي مَلْسُوعٌ وَقَدْ عَدِمَ الرُّقْيَا