رعيا لما أجملت من حسنات

رعياً لما أجملت من حسناتِ

في هذه الغدوات والروحاتِ

اجعل مكانك في الجوانح واتخذ

سبلاً على الأبصار والوجنات

للملك والأوطان ما قدمت من

عمل وما أخَّرتَ من نيَّاتِ

إني أرى آمال أمتك التي

علَّمتَ ملء نفوسها الرحبات

سكنت إليك فليس يعوزها وقد

بدتِ السرائرُ كثرةُ الصيحات

أفضت إليك بأمرها وترقبت

مأمونة السكنات والحركات

وتدفق النيل المبارك سائلاً

وتعالت الأهرام مطَّلعات

اليوم لا شكوى كريمٍ هائمٍ

عان ولا دعوى غريم عات

جاء البشير بما لقيت من الرضى

وتوالت الأنباء عطريّات

تطري مكانك من رشادٍ تارةً

ومكانَه من ربِّه تارات

حسب الرعية ما رأيت وما رأى ال

أحرار من عطف وتكريمات

حزب الحمية في حماك ووفدها

والهادم الباني بخير أداة

حكم القضية أن تكون مُناهمُ

ومناكَ حول فروق ملتقيات

وشهيدك الأعلى على عدل وإح

سان شهيدُهمُ على الطاعات

أوصاك بالشعب الوديع وليتني

دان فأسمع هذه الكلمات

هل بعد أن قام اليقين مطامعٌ

لعواذلٍ ومواضعٌ لوشاة

ذهب القديمُ وأصبحت آثاره

موكولةً لصحائف ورواة

وأصاب منه جندُه ما لم تُصِبْ

منه جنودُ الأرض مجتمعات

ورأيتَ عقبى المستبد بأمره

وتَخَبُّطَ الساري بغير هداة

أأذمه وأنا العليم بما له

عند الكريم أخيه من حرمات

وعلمت من تلك اليد العسراء ما

كنا جهلناه من الفتكات

ورأيت كيف يكون إخواناً بنو ال

قرآن والإنجيل والتوراة

ذكروا حنانك حين بلواهم وما

لك في الكريهة من قوى وثبات

وفدوا عليك وإنما وفدوا على

عالي المروءة كابر العزمات

تأسو جراحهمُ وتخفي مُكرهاً

للجارح البغضاءَ والغضبات

فإذا حملت عواطفاً وعوارفاً

ألفيتَهنَّ هناك مُتَّهَمات

حار العباد وحرت بين أحبة

أسرى وبين معاندين طغاة

كانوا وكنا يشتكون ونشتكي

فنجوا وما زلنا بغير نجاة

لو نعلمنَّ بكربهم في أمسهم

كانوا الأحق بهذه العبرات

هم أسلموا للذئب قبلك شاتهم

ولنا عليك خلاص هذي الشاة

قعدوا وما خذلوا أباك وإنما

أعيى العقولَ تشعُّبُ الشبهات

فإذا ذكرنا نعمةً لهم فما

ننسى أغاليطاً لهم وهناتِ

ذهب الألى غفلوا وجاءت عصبةٌ

بالحرة القصوى من الرغبات

ولقد أمنّا مثل ما أمنوا إذا

ساروا وسرنا التيهَ والعثرات

تدلي إليهم بالقرابة والهوى

والعهد والإيمان والرحمات

في بأسهم يوم التقاضي غنية

عن صدق أشهاد وعدل قضاة

فلئن غبطناهم بنعمى مرَّةً

فلقد رجوناها لهم مرات

ولئن شقينا بالقديم من الهوى

فلسوف نسعد بالجديد الآتي

وشهدت يوم العرض كيف جلاله

والأسد رابضة لدى الأجمات

في إمرة الفاروق يصرفها كما

تمضي صروف الدهر مختلفات

وتكاد تجتاز الحدود حماسة

لو لم يرضْها ساحر النغمات

وتكاد تحسب أنها في غارة

لولا مظاهر هذه الزينات

من لي بها فأسير بين صفوفها

حلو التحية صادق النظرات

وأجول في تلك الميادين التي

وسعت فتوح الأرض في ساعات

وأقبّل البيض اليمانيّاتِ

وأعانق السمر الردينيّات

يا ليت أجفاني القريحة أصبحت

بقتام تلك الخيل مكتحلات

والمحصنات وقد جعلن من القنا

خدراً وأستاراً من الرايات

وتود شاهقة القصور لوَ اَنَّها

تلك الخيام بهذه الساحات

وأشاهد الأبراج وهي منيفة

وتدافع الأمواج ملتمسات

يحملن من شرقِ الثغور وغربِها

أزكى السلام وطيِّبَ الدعوات

وأرى جبال النار كيف مسيرها

في المائج الزخّار مستويات

لولا الرجاء يحفُّها ناءت بما

حملت من الأهوال والسطَوات

وأرى التي استنجدتها في قيدها

منسابة في اليمِّ منطلقات

يا حسن هذي السفن وهي عرائسٌ

مختالة في هذه المرآةِ

لولا مضاعفة الحصون يمينها

وشمالها لنبعن مشتاقات

لولا المقادير التي ائتمرتْ بها

لاسترسلتْ في الماء مطَّرِدات

لولا الهموم المثقلات عواهني

خضت العباب الصعب والغمرات

متذكراً سور المفاخر والعلى

مسطورة في هذه الصفحات

في ذلك الملح الأجاج تعلَّتي

وأولئك الملأ الأباة أساتي

أهل الخلافة والذين ذكرتهم

حتى لقد أوشكت أنسى ذاتي

لم يأخذوها غيلة بل أشفقوا

من أدعياء تراثها الأشتات

وتناولوها من يد مشلولة

من بعد ما ساروا على الهامات

حرصوا عليها حيث يشرف صرحُها

وتسيل أكباد العدى حسرات

في الأقدسين حجازهم وشآمهم

قدران للرغبات والرهبات

إن البغاة على الخلافة أصبحوا

في ذمة الدستور غير بغاة

ما للجزيرة لا تقر وما لها

مكروهة النزعات والنزغات

هلّا رأى أهل الجزيرة تحتهم

ناراً وفوق رؤسهم لعنات

يتوعدون المسلمين لأنهم

للّه والسلطان غير عصاة

لم يسمعوا نصح المشفَّعِ فيهمُ

عند القدير وهم أضل جناة

قد بات يدعوهم إلى الإذعان من

ناداهم زمناً إلى الإفلات

لو لم يخن حساد جدك جيشه

بقيت بلاد الروم تركيات

أيام كانت مصر مملكة لها

ما للمالك من قوى ودعاة

أيام كان الجيش مصريّاً على ال

أسوارِ والأحكامُ مصريات

هبة الإمام لناصرين أعزةٍ

وأمانة الإسلام عند ثقات

فليدفعوا ثمن الدماء ويبعثوا

شهداء ذاك الفتح والغزوات

أعيا دواؤهمُ الطبيبَ وأنه

في كف ألف معلمين كماة

لو صان كلٌّ دينَه لم يقطعوا

يوماً علائق بينهم وصلات

الدين ما منع الأذى ولوَ اَنَّه

بين العقارب جاء والحيات

ماذا جناه المسلمون وهذه

يدهم على الأمم المسيحيّات

لولا سماحة دينهم لبغوا على ال

أديان والأخلاق والعادات

إن لم تعد في الغرب مصرك وثبة

فالشرق يرقب هذه الوثبات

فليهنك الحج الذي أزمعته

وتجمُّعُ الجيشين في عرفات

تدعو العَصِيَّ إلى الإمام فيرعوي

وتروض تلك الأنفس القلقات

وتعيد بالحسنى مآثر صارم

فيهم لجدك ناصرٍ وقناة

وتغادر البيداء روضاً مثمراً

والليث مأموناً على الظبيات

وترى الخلافة والولاية خير ما

نرجوه بين خلائف وولاة

فعسى يلين لنا الألى لانوا لهم

من بعد ما كانوا أشد قساة

فهمُ حماة القوم ما ظفروا وهم

للصاحب المغلوب غير حماة

صدقوا رجال الملك أم كذبوهمُ

ووفاء صحب أم رياء دهاة

أيؤيِّدون مصاولاً بحسامه

ويخادعون منادياً بشكاة

لِمَ يعملون على البقاء وما لَهُم

غفلوا عن الميعاد والميقات

ذكروا لنا الماضي من الثارات أم

عرفوا لنا الآتي من الغارات

فليخرجوا بيض الوجوه ويتركوا

للدولة الكبرى رضى الدولات

إن يملكوا أعناقنا لا يملكوا

مهجاً وإن سالت على الأسلات

أمن الذنوب شكاة مصرك بعدما

ملكوا أعنَّة أمرها سلسات

عدوا على أحرارها أنفاسهم

وترقبوا اللحظات والخطرات

إن ينقموا منها مراس غلاتها

فالعجز أن تبقى بغير غلاة

أرأيتها في المهرجان وقد خلت

من حلية الأتراب والأخوات

همت ولولا كبرها وحياؤها

منك استعارتها من الجارات

ولسوف تنصفها الممالك كلها

مختارة حيناً ومضطرات

ويزيدني فيها رجاء أنها

في ذمة الفتيان والفتيات

نشء البلاد وزهر روضتها التي

تسقى بعذب من يديك فرات

فلمن إذا لم تبق وحدك سيداً

نِيلُ البلاد يفيضها بركات

ولمن جهاد المخلصين الصيد إن

لم نجن في أبانها الثمرات

إن الثلاثين التي بُلِّغْتها

لمدارج اللوعات والروعات

أيمر هذا العمر غير موفق

لمواضع اللذات والشهوات

ثاو فلا أحد الرفاق يعودني

يوماً ولا أنا مالك خطواتي

هل تغنينَّ إذا تعذر مأرب

لي في الجهاد تجاربي وعظاتي

أعلن رضاك عن الأباة فإنه

فصل الخطاب وفرجة الأزمات