لك يا فؤاد ولاء كل فؤاد

لك يا فؤاد ولاء كل فؤاد

يفديك للوادي وأنت الفادي

ذكر الفداة بذكر مولدك الحمى

غرر المنى وطلائع الإسعاد

ترعى وأنت على أجل أريكةٍ

ذكرى أجل مدارج ومهاد

عيد تقاضيك المنى أمثاله

في مقبل الأجيال والآماد

للدهر عندك مثل مالك عنده

من ذمة ورعاية ووداد

صافاك فاسترعاك وهو أقل ما

لك من ميادين ومن أجناد

ورآك ميمون الجلوس موفّقاً

شعب رآك مبارك الميلاد

يلقى حياة في ذراك سعيدة

موصولة بسعادة الآباد

اليوم ندُّ غدٍ وأنت مؤلف

في الخير بين مطالب الأنداد

فإذا احتفلت فمهرجان مخايل

وشمائل وفضائل وأياد

وأحق بالترويح قلب مفعم

بعواقب الأبناء والأحفاد

شغلت أعاصير الحروب ممالكاً

وشغلت مصر ببهجة الأعياد

عاذت بأمنك من عناء نازل

بمحامد ومسالم ومعاد

يا تاسع الصيد الكرام ولاتها

وحماتها ورعاتها الأمجاد

أدركتهم فيما مضى من أمرهم

وبقيت في المتكاثر المتمادي

ووصلت سؤددك الجديد بحجة

لك من طريف كابر وتلاد

الجيش محتشد لرد كريهة

وعمار موحشة وفك قياد

والقصر ممدو الرواء كأنه

قصر الرشيد الفخم في بغداد

والنيل فياض زلالاً سائغاً

والأرض مخرجة شهيَّ الزاد

ولواؤك الخفاق منشور على

زهر البلاد حواضرٍ وبواد

أمنت من الأعوام سطوةَ أربعٍ

سود الذنوب على الشعوب شداد

تدوي كما تدوي الجحيم عواصفاً

بنفائس الأموال والأولاد

فهنالك الآلام قاسية وفي

مصر روائح بالجميل غواد

تأسو الجراح وتكرم الأسرى بما

زودتها من برّك المعتاد

تشكو إلى من في السماء ممالك

في الأرض سائرة بغير رشاد

طلب المزيد من الوجود ملوكها

بوسائل الإفناء والإنفاد

يا ويلها بشرية ناءت بما

حملت من الأضغان والأحقاد

جمعت وما جمعت سوى أعجوبة

غلظ القلوب ورقة الأجساد

خير من الأيدي الرقاق إذا اكتست

قطع الحديد براثن الآساد

وأبر من علم يمد مصايداً

للآمنين عماية الرقاد

وأظل من مدن سقتها أدمع

ودم حرار فدافد ووهاد

هل غاضت الأنهار من جزع فمن

هذا الدم المسفوك ري الصادي

أم دكَّتِ الأطواد في جزع فمن

جثث البرايا شمَّخ الأطواد

رخصت نفوس العالمين وقد غلا

ما حولهم من سائل وجماد

النار تأكل والحديد وراءها

متأهب متواصل الإمداد

فصواعق دوارة بنوابض

وزلازل سيارة بزناد

ومضرج في مأزق ومؤجج

في خندق ومدجج لجلاد

ومقرب لم يسترح من لجه

حتى تقلب فوق متن جواد

كل يدين بلاده بضحية

جلت عن الإقرار والأشهاد

ويقيم دون قلاعها وحصونها

حصناً من الأبصار والأكباد

أشباب ناس أم نبات ناضر

وأداة حرب أم أداة حصاد

للتاج أم للشعب أم لكليهما

ذنب المغير وسيئات العادي

إن الطليق إذا اعتدى متعمّداً

لأحق بالأغلال والأصفاد

وحبائل الصياد إن لم يحترس

في مدِّهنَّ قَضَتْ على الصياد

بئست حياة وردها وربيعها

بتناحر الوراد والرواد

تسع البرايا الأرض وهي أمينة

وتضيق عن ذي أثرة وعناد

ذهبت ليالي الأنبياء فما ترى

أمثال عاد مثل منذر عاد

من لي بقيد أو نظام شامل

يكفي الجموعَ تحكَّمَ الأفراد

ويسير كل متوج في ملكه

بنصيحة الرقباء والنقاد

ما أحوج الدنيا وقد مرضت إلى

حذق الطبيب ورحمة العوّاد

وأحقها بمحكَّم من خلقه

نصر الضعيف وعفة الزهاد

ويرى أحق اليوم باستقلاله

من كان أمس أحق باستعباد

من لعرش سواك عبرة واعظ

ولعرشك العالي ارتياح الشادي

وقسمت قلبي بين إشفاق على

أمم وإخلاص لهذا النادي

ورأيت وجهك مشرقاً متهللاً

فرأيت حظ عشيرتي وبلادي

ما للنذير وما لمصر وأنت في

حراسها للدهر بالمرصاد

إن الأمانة والصيانة والرضا

أولى بشعب طائع منقاد

ماذا يريد وأنت سمح عادل

إلا بقاءك حاكماً في الوادي

وأجل مدَّخَرٍ لعهد السلم ما

أحسنته من عدة وعتاد

نجوى رحيم بالأماني وراءها

بشرى ولوع بالسلام مناد

ألف الأماني والوعود وقد أتى

فيما تمنى صادق الميعاد

وسيجتلي من رغد مصر ويجتني

عذب الثمار ونضرة الأعواد