من لي إذا لم ألق منك معينا

من لي إذا لم ألق منك معينا

جدْ لي بسمعك ساعة فأبينا

حسبي نجاة أن أسر إليك ما

ألقى وحسبك أن أكون أمينا

ما صبر من ملئت جوانحه لظىً

وجرت جوارحه أسىً وحنينا

أسفي كما أسف البريءُ على قوىً

لم أقض فيها للبلاد ديونا

أفنيتها همّاً وكنت بها على

سكر الهوى زمن الشباب ضنينا

ما كان أحوجني إليها حينما

كملت وأفقر أمتي والدينا

لو أنني يوم الوغى استجمعتها

فتحت معاقلَ شمَّخاً وحصونا

لولا العواطف ما هممت بصالح

ولما ملأت الخافقين أنينا

ولقد عددت ذوي الكروب فلم أجد

ذا الكرب إلا الحاذق المسجونا

أسعى فتجذبني القيود فأنثنى

مستسلماً للنائبات رهينا

أرجو الثراء وإنما أرجو الذي

أشفى به المتوجع المسكينا

ما الحزم إلا أن أفيد بدرهمي

حيناً وأنفع بالقوافي حينا

حسبي من الأسواء أني عارف

قدري وأن أجد الزمان خؤونا

كم فتنة لولا ظهوري بالهدى

فيها اغتنيت منافقاً مفتونا

ومن الحوادث ما يضر ذوي النهى

ويكرِّم المتلوِّنَ المأفونا

إني على العذب الحرام لمؤثرٌ

طول الصدى والمهل والغسلينا

ولقد جنى بعضي على بعضي فما

أدعو القضاء وأطلب القانونا

واجتزت في الإحسان قصد مريده

حتى دعوني الشاعر المجنونا

أثرى الرخيص بخير ما أنا بائع

هلا دعوني التاجر المغبونا

ولقد تحاشيت المدائن زاهداً

وبدوت أطلب وحدة وسكونا

لا أرتضي غيرَ الطبيعة مأنساً

والذكر كأساً والقريض خدينا

ما عدلُ من ينسى مصيبةَ نفسه

نسياً ويذكر ما أصاب الصينا

ما لي سوى القلم الذي أعددته

سهمي الأسدَّ ورمحيَ المسنونا

حكماً وإن ظلم العباد محبباً

قدراً معزاً فيهم ومهينا

أمربّيَ الأبطال يفدون الحمى

رحماك في شعرائه العالينا

جند وما حملوا الحديد وإنما

مُلِئوا يقيناً كالجبال رصينا

وبأي سلطانٍ يتيه على الورى

من لا يمدُّ إلى الأخيذ يمينا

هل بعد تجريبي أعلِّلُ بالمنى

نفسي وأملأها رؤى وظنونا

ماذا تفيد دراسة العشرين إن

لم أثر قبل بلوغي الخمسينا

لرضاك في ذا اليوم ما أنا فاقد

من صحة وشبيبة وسنينا

إن شئت بالعلم انتفعت وإن تشأ

كان الشقاء لما علمت قرينا

واخجلة الأنساب والأحساب إن

لم ألق لي مني لديك ضمينا

ولأنت أوعى من دعوتُ لنجدةٍ

قلباً وأرعى من لَفَتُّ عيونا