الرمل والأقدام

«كالمنبت لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع»

من أمثال العرب

تمتدُّ طريقي تحتَ

أشعةِ شمسِ الهاجرةِ الصماءْ

وبقلبِ الرملِ بكتْ قدماي

وعيني في كبدي الصحراءْ

أحرقتُ ظلالَ الأمس وقلتُ

سيغسلُها النسيانْ

لنْ يصرخَ خلفَ مواقعِ أقدامي

طفلٌ ظمآنْ

سأُزَحْزِحُ ثِقَلَ القبرِ، سأَعصرُ

داجيةَ الأكفانْ

سأُذوِّبُ قهقهةَ الأشباحْ وأَملأُ

بالموتِ الفِنجانْ

لوْ أسمعُ خلفي هاتفةً، تحتَ

الأنقاضِ أريدُ الماءْ

أرديتُ جوادي جئتُ بلا خَبَبٍ

أرتادُ الصمتَ، دمائي عاصفةٌ

هوجاءْ

وبقلب الرَّمل بكتْ قدمايَ

وعيني في كبدِ الصحراءْ

الليْلُ يشُدُّ ظلالَ الأَمسِ إلى

عيني

يحيلُ ينابيعي يُبْساً

يمشي بالصمتِ على الكُثبانْ

وتمورُ سفوحُ الأُفْقِ، تمورُ

جفافاً تشربهُ الظلماءْ

وتلوحُ بقايا منْ قمر

تتناثرُ أشلاءً أشلاءْ

ورفيقٌ من خببٍ، أرديتُ جوادي

جئتُ أُسائِلُ صمتَ الواحةِ عن

زريابْ

عنْ سَحْبَةِ موَّالٍ تنسابْ

من خلفِ سكونِ الموتِ، وراءَ

دياجيرِ الأحقابْ

خببٌ؟ موَّالْ؟

ويحَ دمي ظمأٌ وسرابْ

وتشنُّجُ يائسَةٍ صرختْ تحتَ

الأنقاضِ أريدُ الماءْ

واللَّيلُ يشدُّ ظلالَ الأَمْسِ إلى عَيْنَيَّ يَبُثُّ

عناقيدَ الأَحْزانْ

في صدرِ الغيمِ فكلُّ ضراعاتِ

الإنسانْ

لنْ تثمِرَ بالصَّبواتِ سوى

قَطراتٍ من مطرٍ ظَمآنْ

الفجرُ يقال تجمَّدَ في وَهَجِ

الياقوتِ على الإكليلْ

والأُفْقُ سرابٌ من غسقٍ وعجاجٌ

معتكرٌ وصهيلْ

وجيادٌ منْ قصبٍ صرعتء

فرسانَ الرِّيحِ وأَقدامي

مازالتْ تشربُ صمتَ الرَّملِ،

تُلَمْلِمُ شملَ المِصباحِ

والليلُ مخالبُ أَشباحِ

قُفْلٌ منْ نارٍ يصرعُ كلَّ تطاولةٍ

منْ مفتاحِ

وأُحسُّ دبيباً منْ أَلقٍ

يتسلَّقُ أحزانَ الشَّفقِ

في غابةِ نخلٍ مهجورةْ

فتُرتَّلُ عينٌ مُطْفَأَةٌ في القلبِ صلاةً مقرورةْ

ويطيرُ غرابْ

وتهبُّ الريحُ المشؤومةْ

موتا وزعاقا منْ بومةْ

وصليلَ سيوفٍ مهزومةْ

لمْ تسفحْ ما شربَ الياقوتْ

منْ ضوءِ الفجرِ فما أبقى

شمسا أو نجما أو قنديلْ

أوْ لعلعةً من عودِ ثقابْ

أو خيطاً منْ نور يمشي بالعينِ

على صُحُفِ الإنجيلْ

يا عُمْرا أَحْرَقَ بالصَّبَواتِ معاقِلَ من جِلْدِ

ثُعبان

أسرجْ أَفْراسَكَ ما يُجديكَ تعرُّفُ حافاتِ

الميدانْ

في الفجر تصولْ؟

جيادكَ جعجعةٌ ودخانْ

أَغمِضْ أجفانكَ مدَّ يديكَ إلى

الصحراءِ ومُتْ

فالبَحْرُ يَموتْ