لعباسنا الثاني علا الفرمان

لعباسنا الثاني علا الفرمان

وَللملك أَفراح بِنَيل أَمان

وِللقطر إِيناس وَعز وَبَهجة

لما نالَهُ الوالي برفعة شان

لَهُ فرمان النَصر جاءَ مُؤيداً

لِدَولة إِعزاز وَحُسن تَداني

أَتاه مِن السُلطان وَالملك الَّذي

تَوَسم فيهِ ما بَدا لِعَيان

وَما هُوَ إِلا الحَزم وَالعَزم وَالنُهى

وَعَدل تَسامى في بَديع زَمان

تَخيره مِن صَفوة المَجد وَالعُلا

لِتَحصين ملك مِن طرو تَفاني

وَما اِختارَهُ إِلا لِتَأييد مُلكه

وَإِن البَرايا دُونَهُ بُرهان

لَقد وَضَع الأَشياء في خَير مَوضع

لِيَحفظ مُلكاً مِن هُجوم هَوان

ولا غُرو في تِلك الإِرادة مُطلَقاً

فَما صادفت إِلّا أَعَز مَكان

فَإِن خديوي مَصر أَول ماجد

يُشار إِلَيهِ في العُلا بِبنان

وَأَول من في مَهدِهِ نال سُؤدداً

وَمال إِلى العَليا بِكُل جنان

لَقَد جَرَب الأَيّام وَهِيَ لَهُ صَفَت

بِآرائِهِ الغَرا وَحُسن بَيان

وَجاري اللَيالي حَزمه بِتَدبر

بِهِ النَصر وَالتأَييد يَجتَمِعان

وَشَبَ خَبيراً بِالسِياسة عالِماً

فَكُل بَعيد بِالتَدبر دان

وَنال مِن العَلياء أَعلى مَكانة

وَفازَ بِما أَزرى بِعَقد جُمان

غَدا ثانِياً لَكنَهُ هُوَ أَوَل

وَلَيسَ لَهُ بَينَ البَرية ثاني

وَفي فِكرِهِ السامي خَفي كَظاهر

فَإِن كِلا الأَمرين يَستَويان

لَدَيهِ تَرى الأَمرين لا شَكَ واحِداً

فَفَكر عُلاه وَالسَنا إِخوان

وَلَكن فيهِ الفكر أَكبَر مِن سَنا

وَفي الحُكم أَمضى مِن مَضاء يَماني

وَما ذَمَ حَمل السَيف إِلّا لحلية

فَأَغناهُ فكر عَن سُيوف طعان

فَفي كُل علم عَقله يُدرك العُلا

وَفي الحُب أَبدى غاية الحَيوان

فَكَم حَدَث العلم الشَريف بِفَضلِهِ

وَكَم فازَ مِن أَسرارِهِ بِمَعاني

وَكُل مُلوك الأَرض تَشهد أَنَّهُ

جَدير وَلَيسَ إِثنان يَختَلِفان

وَمِن مَجدِهِ نال العُلا فَرمانه

فَجاءَ بَعيد اليَمن في رَمَضان

لَذا زَينت مَصر وَأَشرَق نُورَها

لاتمام أنس في رُسوم تَهاني

وَقَد بَدَت الرايات مِن كُل دَولة

لِتَظهَر إِجلالاً بِغَير تَواني

وَقَد سَكَنت جَواً لتؤذن بِالعُلا

فَكانَت كَطَير مُحسن الطَيران

يَروح وَيَغدو في المُلك كُلَها

وَلَكن لَهُ مَصر أَجل مَعاني

فَمَصر لَها البُشرى برفعة شَأنِها

وَفيها السَنا وَالأُنس يَقتَرِنان

وَزينتها لا شَك أَعظَم زينة

وَفيها تَبدى كَوكَب اللَمَعان

وَفيها الثاني رَتلت لِجَنابَكُم

وَتَطرب مِن آلائكم بِمَثاني

وَفي رَفع رايات إِلَيكَ إِشارة

بِأَنكَ تَرقي في مُنى وَأَمان

وَدُمت خِديوي مَصر بِالملك في هَنا

وَلا زِلت مَشكوراً بِكُل لِسان

وَدامَ لَكَ الإِنصاف وَالعَدل خادِما

وَمَدحك يا عَباس لَيسَ بِفاني

وَعاش الرَعايا خاضِعين لِبابكم

وَداعين مَهما قَد بَدا الملوان

وَكُلَهُم يَوم التَشَرف أَرخوا

لِعَباس عاشَ النَصر بِالفرمان