مناجاة

(1)

ما لنفسي إذا أضأتُ دجاها

حملتْ موقدَ الجَوى راحتاها

كلما جئتُ أسكبُ الحُبَّ نُصْحاً

عربدَتْ ساعةً وخارتْ قواها

أتُراها تَصُدُّ عَنِّي دلالاً،

أم ملالاً، أم فريةً ما تراها؟

لستُ أدري وكيف أدري وقلْبي

غاصَ في لُجَّةِ الضَّلالِ وتاها؟

**

(2)

يا رسول الهُدى تمرَّدَ عصْري

وامتطي صهوةَ الغرورِ سفاها

رفعَ الجَهْلُ فيه رايةَ ضَعفي

وغزا روضتي وداسَ ثراها

نسيَ الطينُ عِفَّةَ الطُّهْرِ فيه

وارتضى كأسَهُ لماً وشِفاها

عَشِقَ الذُّلُّ والهوانَ وأمسى

بفقاعات عيْشِهِ يتباهى

**

(3)

يا يراعاتُ حاضري يا بقايا

عالم المُفْلسين فكراً وجاها

كيف نبْني على طريقِ الثُّريا

قبَبا تحضُنُ الليالي سناها

والونى ينخَرُ القلوبَ ويلوي

بشرايينها ويُلجِمُ فاها

وإذا زمْجرَتْ رَحَى الحَرْب ولَّتْ

ضيَّعتْ خيلها وباعتْ حماها

**

(4)

يا زماناً به السيوفُ استخارتْ

دفْءَ أغمادها فزالتْ شَباها

كنتُ أشدو بها شموخاً وفخْراً

وأُناجي على الدروبِ خُطاها

وهي تختالُ بالكُماةِ وتحْمي

حُرماتي سفوحَها وذُراها

الأمانيُّ في يديْها قلوبٌ

هي عنوانُ عنفوانِ صِباها

**

(5)

أبصرَ الطفلُ دارَهُ فنعاها

غرقتْ جنَّتي فواهاً وواها

مالأرْضي التي دَرَجْتُ عليها

قبُحَتْ منظراً ومُرَّت مياها

أين أمي التي إذا أبصَرتْني

حَضَنتني ضلوعها ويداها

ليس سودُ الوجوهِ بالخِزيِ أهلي

أمَّتي أكرمُ الأنامِ جباها