تأمل في الوجود وكن لبيبا

تأمل في الوجود وكن لبيبا

وقم في العالمين فقل خطيبا

بفوز جنودنا الفوز العجيبا

بعيد الفتح قد أضحى قريبا

لقينا في الزريبة يوم نصر

كيوم التل في تاريخ مصر

يهيئ للبلاد جديد عصر

ويكفيها القلاقل والخطوبا

فقم من طول نومك والغرور

وخذ بالحزن أو خذ بالسرور

فعار صرف همك عن أمور

ستأخذ من عواقبها نصيبا

بعثنا للدراويش السرايا

تصب على رؤوسهم المنايا

فجاءهم عذاب الله آيا

كما قد جاء قبلهم الشعوبا

وكم من قبل قد عادوا وعدنا

وكم مال على هذا أبدنا

وجيش إثر جيش قد فقدنا

وكان القائد النحس الغريبا

إلى أن قد مضى زمن التخلى

وصار الجوّ أصلح للتجلى

قصدناهم على ذاك المحل

وكان الفخ مكسيم المذيبا

فما للقطر لا يغدو فخورا

ولندن لا تجاوبه سرورا

أرى الجيشين قد ظهرا ظهورا

على غنم الزريبة لن يريبا

وروتر من ذهول لا يخبى

يباهي الأرض في شرق وغرب

بمن يزجي الجيوش ومن يعبى

ومن يسترجع القطر الخصيبا

بسردار البلاد ولا أبالي

إذا ما قلت كتشنر المعالي

سقى السودان أى دم ومال

ولم يبرح بعلته طبيبا

لبثنا في التناوش نحو شهر

والاستطلاع من نهر لنهر

وأتياس الزريبة ليس تدرى

بأن قد حيرت أسدا وذيبا

ظنناها أعزّ من السحاب

وأمنع في الطوابي من عُقاب

فجئناها بألوية صعاب

وجندنا الجنود لها ضروبا

بسود كانت الوثبات منها

وبيض لا تسل في الحرب عنها

وحمر لاقت الأعداء وجها

فكانت سهم راميها المصيبا

طلعنا والصباح على الطوابي

بنار من جهنم لا تحابي

ملكنا منهم قمم الروابي

وماء النهر والغاب الرهيبا

رأونا قبل ما رأوا النهارا

فهبوا من مراقدهم حيارى

فكنا الموت وافاهم جهارا

وهبت ريحه فيهم هبوبا

رصاص لا يغيض ولا يغيب

بعيد في مقاصده قريب

كأن مسيله مطر يصوب

ولكن نقمة وردىً صبيبا

دككنا حصنهم حرقا وكسرا

وأفنيناهم قتلا وأسرا

أخذنا العرش من محمود قسرا

وقد بل الأمير العنقريبا

نعم فتح رعاه الله فتحا

وقتلى هم له ثمن وجرحى

ومال طائل أصلا وربحا

بذلناه ولم نخش الرقيبا

ولكن ما وراءك يا عصام

وبعد الحرب ما يأتي السلام

فليت هياكلا درست تقام

فأسألها وأطمع أن تجيبا

بلى إن الحقيقة قد تجلت

وإن تك بالزخارف قد تحلت

تولى عزنا الماضي وولت

بلاد الله سودانا ونوبا

فيا سردار مصر لك الأيادي

فأنت لها المعين على الأعادى

وكل الناس بل كل البلاد

لسان بالثناء غدا رطيبا

فخذ من مالها حتى الوجودا

وجنِّد كيفما شئت الجنودا

وأنَّى شئت ضع منها الحدودا

شمالا في البسيطة أو جنوبا

فها لَكَ في الحدود اليوم رجل

وفي الخرطوم أخرى سوف تعلو

لأن السعد للقدمين نعل

ومن ذا يغلب السعد الغلوبا