شأنك والدمع والبكاء

شأنك والدمع والبكاء

لا تدخر في الشؤون ماء

لا تذكر الصبر في مصاب

تجاوز الصبر والعزاء

لا خير في الصبر والتأسى

إذا هما عارضا الوفاء

أبكى الأخلاء في ديار

من أنسهم أصبحت خلاء

من حق إخوانك القدامى

إن تسقى العهد والإخاء

إن البكى فاسترح إليه

يصرف للراحة العناء

من خلق الحزن كان أحرى

أن يخلق الدمع والبكاء

تبارك الله من طبيب

قد خلق الداء والدواء

رب خليل بكيت أرجو

لحقه بالبكى قضاء

ولو يردّ القضاءَ دمع

لحولت أدمعي القضاء

ومثل عبد اللطيف يُبكى

ويتبع الذكر والثناء

فتى كلدن القنا اهتزازا

ومرهفات الظُبى مضاء

صوّره الله صالحات

وصاغ أجزاءه حياء

وزاده ما حبا أباه

متانة الدين والإباء

وأضلعا لا تقاس طهرا

بها الغوادي ولا نقاء

ما كان قسّا ولا زيادا

ولا بسحر البيان جاء

لكن إذا قام قال صدقا

وجانب الزور والرياء

سبحان من قاته غدوا

وكف عن قوته عشاء

ومن أتانا بالشمس صبحا

ومن تولى بها مساء

يالكِ دنيا لذّت نعيما

للقوم واستعذبت بلاء

إذا أنتهينا منها تساوى

ماسرّ من حالها وساء

الطفل يحبو إليك حبا

والشيخ يمشى لك انحناء

إليك عبداللطيف دمعا

ألَّفت منثوره رثاء

قوافيا كنت تشتهيها

واليوم تبدى لها جفاء

كم قمت من موقف لمصر

وكنت من دونها وقاء

ونبت عنها في مجلسيها

نيابة كانت الغناء

ألست من فتية شِهام

سنّوا المحاماة والرماء

فتاهم بالشباب ضحى

ما أعظم الذبح والفداء

ومات أبطالهم جياعا

في غير أوطانهم ظِماء

ولو أرادوا متاع دنيا

لأدركوا الحكم والثراء

قضية الحق منذ قامت

لم تأل أركانَها بناء

تحذو على مصطفى وتبنى

جيلا من الحق أقوياء

شرعتمو للشباب دينا

كدينهم بيِّنا سواء

لما أتيم به جعلتم

رأس تعاليمه الجلاء

جمعتم مصر ثم سرتم

فكنتم الجمع واللواء

وما عرفتم لغير مصر

وغير أحبابها ولاء

لم تمسحوا للعميد رأسا

ولا نفضتم له حذاء

وعابثٍ بالرفات يبنى

حوادث الأمس كيف شاء

يقول كنتم للترك حزبا

وعاهلِ الترك أولياء

ويشهد الله ما أتيتم

إلا هدى الرأى والدهاء

داريتمو في سبيل مصر

سيادة أصبحت هباء

سيروا إلى الله فهو أولى

بكم وأوفى لكم جزاء

لا غبن بالحق إن ذهبتم

فان للفكرة البقاء