أبا جرير برغمي أن تخط يدي

أبا جرير برغمي أن تَخَّط يدي

هذا العزاءَ ويبكى عاثراً قلمي

وما أجاملُ في شعري بتعزيتي

فإنَّ حُزَنك من حُزني ومن أَلَميِ

إنَّا جميعاً حيارى ركبُ قافلةٍ

تمشى من العدم الأقصى إلى العدمِ

كل له دورُهُ والكل تجربةٌ

تلهو الحياةُ بها في الصحو والحلمِ

لا شئَ يبقى سوى الذكرى اذا بقيت

وكم مضت اَممٌ لَهفى على أمم

قد سَخَّرتَنا الأماني وهي ساخرةٌ

وأطلقتنا ولم نُطلق من اللُّجمِ

خُذ دمعتي يا صديقي بعضَ تأسيةٍ

وامزج بها دمعك الوافي ولا تَلم

هذي الحياةُ وهذا الموتُ ما افترقا

كالتوأمينِ بحظ الناسِ كُلِّهم

كأنما هذه الأعشابُ إخوتُنا

وعمرها عمرنا في الطولِ واِلقدم

والعقلُ ما كان إلاَّ ضيف صُحبتنا

هذا الوجودَ ولم يُفصم عن الرَّقمِ

اسخر صديقي إذن مهما بكيتَ دماً

كما بكيتُ بسخري إذ بذلتُ دمى

إسخر وأنتَ زعيمُ السخر في أدبٍ

حي تَنزَّهَ عن موتٍ وعن هَرَم

اسخر إلى أن يدورَ الكونُ دورته

على الحياةِ فنمضي بَعدُ في الظلم