أيا واحة في وحشة البيد أنسها

أيا واحةً في وَحشةِ البيد أنسها

يُحرَّمُ فيئى ظَّلها ونُزولي

لمن تُخلقُ الجناتُ إلا لشاعرٍ

قليل حنانٍ منكِ غيرُ قليلِ

يا قيسُ رفقاً بمهجتي

فإنَّ رياح البيد تُرهق أزهاري

وقد صَّوحتها وهي في عُنفوانها

وكم تُقتلُ الأزهارُ في بُعدِ زَهَّارِ

عرفتكِ طفلاً في ظلالك لهوه

نُغِّنى ونجرى كالضياء وُثوبا

ونعبثُ بالدُّنيا وما عبثت بنا

فكيفَ غَدونا مُثقلين ذُنوبا

يا قيسُ كم يُظلمُ الهوى

نِفاقاً ويأبي الناسُ إلاَّ عذابَه

ومن نفحاتِ الزهرِ أنفاسُهُ لهم

فكيف أباحُوا للهيبِ مُذابُهُ

أأكتم حُبِّي أم أُشَبِّبُ ضَلةً

بمن لست أهوى كيف أحيا منافقا

أنا الفُّن والفنانُ لا عشتُ ناطقاً

إذا لم يكن فني كقلبيَ صادقا

لأنت نُّبي الحبِّ يا قيسُ فلتعش

بعيداً عن الدنيا الخؤونِ وأهلها

تُغِّنى لها كالنحلِ تَمنحُ شُهدَها

شهياً وتُجزى الموتَ شكراً لبذلها

أليلاىَ مالي غيرَ حُسنك مُبدِعي

وماليَ إلاّ قُربَكِ اليوم ناشري

فَنيتُ غداةَ الين فلترحمي فتىً

هواه نصبري حينما هو آسرى

اليلاىَ ما الدنيا سوى أَنت إن تكن

لذكراي أهلاً أو لنجوىَ مشاعري

فإن تُبعدي روحي الوفىَّ فما له

وجودٌ ولا ذكرٌ كأهلِ المقابر

حنانَكِ يا يلي حنانَكِ

إنني

لأَطوعُ من وحىٍ يفيضُ بخاطرك

وفي صدري الخفاقِ منك نوازعي

وفي صوتيَ الملكومِ رَجعُ مزاهرك

جراحٌ خفياتٌ بنفسي عميقةٌ

أخبؤهَا والحُّب يأبي استتارها

وهيهاتَ للنسيانِ والنوم مرَّةً

مُحالفتي هيهات أقبلُ عارَها

سَتبقى على طُهر الوفاءِ نقيةً

وإن هي أودَت بي وأفنت سعادتي

ستبقى على مَرِّ الزمانِ شواهداً

لِحبِّي وعنوانا لأسَمى عبادتي

جراحي هي الأبَقى جراحي هي التي

يُنِّفسُ عنها الشعر وهو مقصرُ

كرهتُ حياتي ثم عُدت مُرجِّياً

حياتي كأني بالعذاب أُطُهَّرُ

حياتي وما معنى حياتي ولم أَزل

غريباً عن الدنيا لبعدكِ يا ليلى

ايا توأمَى إنَّا الغريبانِ مُذ أَبَت

علينا اتحاداً نحنُ كنَّابه أَولىَ

وَحقكَ لم يُبعدكَ عني شاغلٌ

وليس قِراني بالغريب قِرانَا

لأنَتَ بقربي رغمَ بُعدكَ شاملاً

وجودي وأحلامي هَوىً وِعيانَا

سيأتي زمانٌ يندم الدهر تائباً

وأي انتفاعٍ لي إذا هو تابا

إذا أنا بالأحلامِ عشتُ مُضلَّلاً

فَسيَّانش أغدو كوكباً وترابا

رويدكَ يا قيسُ الحبيبُ فإننا

لأسَمى من الدَّهرِ المسئِ وأهله

سَنحيا على الذكرى حياةً أبيَّةً

وَنعلو على خُبثِ الزمانِ وذُلِّهِ

وَداعاً إذن يا صنوَ نفسي وَقُبلةً

يَظل فمي عذباً بها وسلاما

وَداعاص فإن لم تستطع حملِ عبئهِ

فَألغِ لكَ العقلَ الحكَيمَ هُياما

حنانيكِ ليلى آهِ ليلى

لقد مضت

وَوَلى الجميل الحلمُ حين تَسامَى

سأذرعُ هذا الكونَ ابحثُ عنهما

ولو ضاع عقلي ولوعةً وغراما