بسط الضباب على الحقول كأنه

بسط الضباب على الحقول كأنه

كف لمارد عابس قتال

فمحا بضربته الجداول والربى

والغرس دون تمهّل وسؤال

لم تلق منه ولا محاكمة آمرىء

عات فاسرف بطشه المتوالي

قتل الضياء كقتله ألوانها

وأدال حسنا لم يكن بمدال

فكأنما الدنيا تأجل خلقها

وكأنما العدم الفسيح حيالي

ومضى الضباب إلى المدينة فاختفت

مثل اختفاء مدائن الأطفال

أو أنها ظل الخيال ظلالها

فإذا نظرن فهن غير ظلال

هذا مآل والضباب يحفّني

بالحزن لا أدري سواه مآلي

فكأنما أسكنت كهفا مظلما

ما فيه من صحب سوى إعوالي

وكأنما انطوت الحياة بزفرتي

وتعثرت منهوكة بخيالي

وكأنما وئدت قبيل فطامها

مثلي أو انتحرت بها آمالي

وكأنما قتل العزاء مضرجا

بدمي وبالوهم الحبيب الغالي

وكأنما للياس ملك خالد

وكأنما إقباله إقبالي

وكأنما ضيّعت في دنيا طوت

صور الجمال وروعة المثال

فاعتز فيها القبح غير منافس

واعتزّ فيها الموت غير مبالي