رف الربيع على الشتاء الماحل

رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل

ورقدتَ أنت صريع هذا الساحل

اصغرتَ آلافَ الفراسخ جائزا

هذا العباب كعابر لجداول

وقدمتَ تُزجيك المحبة والوفا

هَزِجاً تدوس على عديد حوائل

أنَّى ترحَّل أو أقام فَحوله

زُمَرٌ تَحَّدثُ عن نهىً وشمائلِ

متهللاً معنى الشباب رواوءه

وخلاله كحديثه المتفائل

تتفيأُ الألبابُ في آدابه

وكأنَّها من أنسه بخمائل

ماذا دهاك وأنتَ زينةُ مجلسٍ

ورجاءُ أحبابِ ونفحةُ بابل

حتى سكنت الى الممات وطالما

قد كنت تهزأ بالممات الهازل

كنتَ الرياضيَّ العفيفَ مُساجلاً

فسقطت من غدر المصاب الهائل

كنت المثقف والأديب حياتهُ

هبةُ الفنونِ لأمةٍ ومحافل

وذهبت لا هذى الدموع سخينة

تكفى لتبيان العذاب الجائل

كلا ولا الأديان فيما فسرت

لتجيب عن ظُلم القضاءِ الخاذل

أو حيرةُ المتبادلين عزاءهم

لتحَّد من ذُعر الحزين الذاهل

جاء الممات من الحياة وقبله

جاء الوجود من الفناء الشامل

صور تضل لها العقول وربما

أغنى الغبُّى عن الحصيف العاقل

والعمرُ كيف العمر حظّ مقامرٍ

والحُّق كيف الحُّق أفظع باطل

ضيعتُ فلسفتي مراراً صاغرا

ووأدتُ تعزيتي أمام القاتل

إن كان إعزازُ الكمال فناءَه

فالحمقُ ان نحيا حياة الكامل

ونرى السوائم راتعين بنعمةٍ

ونرى المواهب في الحضيض السافل

ونرى الصباحَةَ والقسامَةَ في الثرى

ونرى الحقارة في أعزّ منازل

يا من عَددتُكَ في صميم جوارحي

ولدى ومن زودتُ منه فضائلي

فيمَ الرثاءُ وذاك عُرسكُ قادمٌ

أيصير عرسك لحن قلب الثاكل

كنا نهيئ مسعدين شرابه

فسقى الردى نخب الشباب الآفل

إن كان هذا عدل دنيا حرةٍ

بئسَ الجزاء من القضاء العادل