ست من السنوات جاوز عمرها

ست من السنوات جاوز عمرهَا

عُمرى بل الأبدَ السحيقَ ورائى

هيهاتَ أغفرُ ما جنتهُ فلمؤها

رَممٌ من الآمالِ والأرزاء

خُلطت كأشلاء الحروبِ وليتها

دُفنت ولم تضحك على أشلائي

وإذا بُعثنَ فما أرى إلاَّ الأذى

فيها وما يُشجى من الأصداءِ

فكأنّما الآمالُ لا بعثُ لها

وكأنما الأرزاءُ دُمنَ إزائي

قالوا يحف بكَ النعيمُ ألا ترى

بعضَ الحنينِ هو الجحودُ لنائي

إن كان فالقلبُ الموزعُ شاردٌ

مثلَ النعامة في رؤى الصحراء

يجرى إلى الماضي فينقله الهوى

فوق النجومِ إلى أحبّ سماءِ

يقتاتُ من إشعاعها وخيالها

ويعودُ بين مجاعةٍ وظَماءِ

لو أستطيع خَنقتها بانأملي

فعلى يَدِى سكبت عزيزَ دِمائي

ست من السنوات كم من لوعةٍ

فيها وكم من رعشةٍ لوفائي

ودمي يسيلُ على بيوت مشاعري

لهفاً وُذكِى النارَ طىَّ رجائي

ما اخترتها طوعاً ولكن غضبةً

للحقِّ والأَحرار والشُّهداءِ

وأظل أعتنقُ الشقاءَ عقيدتي

ما دمتُ ألهمُ أمَّتى بشقائي

مثلي على الحالين جدُّ مُغرَّبٍ

كالنورِ حين تراه عينُ الرائي

لا موطنٌ لي غيرُ موطنِ مُهجتي

فإذا أبوا لم يبقَ غيرُ إبائي

هيهاتَ أرَضى العيشَ بين أذَّلةٍ

خَصُّوا مودَّتهم بكلِّ مُرائي

سأَظَل أرقُبُ صابراً تحريرهم

من هذه الحشراتِ والأدواءِ

وأظل انتحهم بروحٍ حُرةٍ

لم تُخترم بمنافعٍ عرجاءِ

فإذا حييتُ وقدرتني أمتي

وتحررت لبيَّتها بولائي

وإذ مضيتُ إلى الفناء وهبتها

في الغربتينَ هواىَ دون فناء

ما كان هذا اليومُ عيداً يُشتهى

والنفيُ يَلطمُ همَّتي وفدائي

أو كانت الأعمارُ غيرَ مآثرٍ

أو كانت الأيامُ غيرَ بناءِ