طرفت فلما أغرورقت عيني

طَرَفت فلما أغرورقت عيني

وصحت صحوتُ للوعة البينِ

خمسٌ من السنوات قد ذهبت

بأعزِّ ما سميتهُ وطني

ما زالت الأفراح تنهبهُ

وهي المآتمُ في رؤَى الفطنِ

أفراحُ ساداتٍ له نُجبٍ

من كلِّ صُعلوكٍ وُممتنِّ

طالت أياديهم واذ لمسوا

أعلى الُّذَرى سقطوا عن القنن

ياليتهم سقطوا وما تركوا

زُمَراً تُتابعهم بلا أَينِ

تركوا الوصوليين صاعدهم

صنوٌ لها بطهم أخو ضَغنِ

وكأنَّهم أكوازُ ساقية

دوَّارةٍ بالشِّر للفطنِ

لا شئَ يشغلهم ويُسعدهم

إلاّ الأذَى في السِّر والعلن

عبثوا بنا وبكل ما ورثت

مصرُ العزيزةُ من غِنىَ الزَّمن

هذا الربيعُ السمحُ واكفهُ

دمعي ودمعُ البؤسِ في وطني

خَلفَّته أسوانَ قد سلبوا

قَهراً وشائجَ نفعهِ مِنِّى

خَلفَّتهُ لا شئَ يَشغلني

إلاَّهُ وهو بِشغلهِ عَنِّي

وتركته الأَغلى الذي فُتنت

رُوحي به وأشاحَ عن فَنِّي

يا للربيعُ ممازِحاً فرِحاً

ولئن بكى ومُشنِّفاً أُذني

أصغي إليهِ ولا أحسُّ به

وَهوَاه في قلبي وفي عَيني

يَجريِ ويقفزُ في مُداعبةٍ

نشوانَ من فَننٍ إلى فَننِ

والشمسُ قد تَركَت غلائلها

نَهباً لديه فَلجَّ في الفِتنِ

وَبَدت عرائِسهُ وقد وُلِدت

في الفجرِ راقصةً تُغازُلني

عَرِيَت وكل كيانها عَبقٌ

ورؤىً وأطيافٌ من اللَّونِ

يا لطفها فيما تُبادلني

بمنَّوعٍ من سحرها الفنِّى

وأنا كأنيّ لم أَخصَّ بها

شعري ولم يزخر بها زمني

وكأنّما غفرت مُجانبتي

ورأت أساىَ أجلَّ من ديني

مَن ذا يُحسُّ شُعورَ مُغتربٍ

غيرُ الربيع بدمعهِ الهتن

غُير الطبيعةِ وهي حانيةٌ

تسعى وتمنحنا الذي تجني

هيَ بي وَلوعَةِ مُهجتي أدرَى

وبكلِّ ما ألقاهُ من مِحنِ

ولئن تكن عَصفت فَغضبتها

شِبهُ العتاب يُساق للوَسن

إن حالَ دوُنَ لقائِها مرضى

وغدا الفراشُ مُحاصِراً ذِهني

جارحةٍ لها شَغفي

وبها أَظل مُناجِياً وطني