حلت صبيرة أمواه العداد وقد

حَلَّت صُبَيرَةُ أَمواهَ العِدادِ وَقَد

كانَت تَحُلُّ وَأَدنى دارِها تُكُدُ

وَأَقفَرَ اليَومَ مِمَّن حَلَّهُ الثَمَدُ

فَالشُعبَتانِ فَذاكَ الأَبرَقُ الفَرَدُ

وَبِالصَريمَةِ مِنها مَنزِلٌ خَلَقٌ

عافٍ تَغَيَّرَ إِلّا النُؤيُ وَالوَتِدُ

دارٌ لِبَهنانَةٍ شَطَّ المَزارُ بِها

وَحالَ مِن دونِها الأَعداءُ وَالرَصَدُ

بَكرِيَّةٍ لَم تَكُن داري لَها أَمَماً

وَلا صُبَيرَةُ مِمَّن تَيَّمَت صَدَدُ

يا لَيتَ أُختَ بَني دُبٍّ يَريعُ بِها

صَرفُ النَوى فَيَنامَ العائِرُ السَهِدُ

أَمسَت مَناها بِأَرضٍ ما يُبَلِّغُها

بِصاحِبِ الهَمِّ إِلّا الجَسرَةُ الأُجُدُ

إِذا اليَعافيرُ في أَظلالِها لَجَأَت

لَم تَستَطِع شَأوَها المَقصوصَةُ الحُرُدُ

كَأَنَّها واضِحُ الأَقرابِ أَفزَعَهُ

غُضفٌ نَواحِلُ في أَعناقِها القِدَدُ

ذادَ الضِراءَ بِرَوقَيهِ وَكَرَّ كَما

ذادَ الكَتيبَةَ عَنهُ الرامِحُ النَجِدُ

أَو قارِبٌ بِالعُرى هاجَت مَراتِعُهُ

وَخانَهُ موثِقُ الغُدرانِ وَالثَمَدُ

رَعى عُنازَةَ حَتّى صَرَّ جُندَبُها

وَذَعذَعَ الماءَ يَومٌ صاخِدٌ يَقِدُ

في ذُبَّلٍ كَقِداحِ النَبعِ يَعذِمُها

حَتّى تُنوسِيَتِ الأَضغانُ وَاللَدَدُ

يَشُلُّهُنَّ بِشَدٍّ ما يَقومُ لَهُ

مِنها مَتابيعُ أَفلاءٍ وَلا جُدَدُ

كَأَنَّهُ بَعدَ طولِ الشَدِّ إِذ لَحِقَت

جِحشانُها وَاِنطَوَت أَمعاؤُهُ مَسَدُ

حَتّى تَأَوَّبَ عَيناً ما يَزالُ بِها

مِنَ الأَخاضِرِ أَو مِن راسِبٍ رَصَدُ

دُسمُ العَمائِمِ مُسحٌ لا لَحومَ لَهُم

إِذا أَحَسّوا بِشَخصٍ نابِئٍ لَبَدوا

عَلى شَرائِعِها غَرثانُ مُرتَقِبٌ

إِبصارَها خائِفٌ إِدبارَها كَمِدُ

حَتّى إِذا أَمكَنَتهُ مِن مَقاتِلِها

وَهوَ بِنَبعِيَّةٍ زَوراءَ مُتَّئِدِ

أَهوى لَها مِعبَلاً مِثلَ الشِهابِ وَلَم

يُقصِد وَقَد كادَ يَلقى حَتفَهُ العَضِدُ

أَدبَرنَ مِنهُ عِجالاً وَقعُ أَكرُعِها

كَما تَساقَطَ تَحتَ الغَبيَةِ البَرَدُ

يا اِبنَ القَريعَينِ لَولا أَنَّ سَيبَكُمُ

قَد عَمَّني لَم يُجِبني داعِياً أَحَدُ

أَنتُم تَدارَكتُموني بَعدَما زَلِقَت

نَعلي وَأَخرَجَ عَن أَنيابِهِ الأَسَدُ

وَمِن مُوَدِّئَةٍ أُخرى تَدارَكَني

مِثلُ الرُدَينِيِّ لا واهٍ وَلا أَوِدُ

نِعمَ الخُؤولَةُ مِن كَلبٍ خُؤولَتُهُ

وَنِعمَ ما وَلَدَ الأَقوامُ إِذ وَلَدوا

بازٌ تَظَلُّ عِتاقُ الطَيرُ خاشِعَةً

مِنهُ وَتَمتَصِعُ الكِروانُ وَاللُبَدُ

تَرى الوُفودَ إِلى جَزلٍ مَواهِبُهُ

إِذا اِبتَغَوهُ لِأَمرٍ صالِحٍ وَجَدوا

إِذا عَثَرتُ أَتاني مِن فَواضِلُهُ

سَيبٌ تُسَنّى بِهِ الأَغلالُ وَالعُقَدُ

لا يُسمَعُ الجَهلُ يَجري في نَدِيِّهِمِ

وَلا أُمَيَّةُ مِن أَخلاقِها الفَنَدُ

تَمَّت جُدودُهُمُ وَاللَهُ فَضَّلَهُم

وَجَدُّ قَومٍ سِواهُم خامِلٌ نَكِدُ

هُمُ الَّذينَ أَجابَ اللَهُ دَعوَتَهُم

لَمّا تَلاقَت نَواصي الخَيلِ فَاِجتَلَدوا

لَيسَت تَنالُ أَكُفُّ القَومِ بَسطَتَهُم

وَلَيسَ يَنقُضُ مَكرُ الناسِ ما عَقَدوا

قَومٌ إِذا أَنعَموا كانَت فَواضِلُهُم

سَيباً مِنَ اللَهِ لا مَنٌّ وَلا حَسَدُ

لَقَد نَزَلتُ بِعَبدِ اللَهِ مَنزِلَةً

فيها عَنِ الفَقرِ مَنجاةٌ وَمُنتَفَدُ

كَأَنَّهُ مُزبِدٌ رَيّانُ مُنتَجَعٌ

يَعلو الجَزائِرَ في حافاتِهِ الزَبَدُ

حَتّى تَرى كُلَّ مُزوَرٍ أَضَرَّ بِهِ

كَأَنَّما الشَجَرُ البالي بِهِ بُجُدُ

تَظَلُّ فيهِ بَناتُ الماءِ أَنجِيَةً

وَفي جَوانِبِهِ اليَنبوتُ وَالحَصَدُ

سَهلُ الشَرائِعِ تَروى الحائِماتُ بِهِ

إِذا العِطاشُ رَأَوا أَوضاحَهُ وَرَدوا

فَأَمتَعَ اللَهُ بِالقَومِ الَّذينَ هُمُ

فَكّوا الأُسارى وَمِنهُم جاءَنا الصَفَدُ

وَيَومَ شُرطَةِ قَيسٍ إِذ مُنيتَ لَهُم

حَنَّت مَثاكيلُ مِن إيقاعِكُم نُكُدُ

ظَلّوا وَظَلَّ سَحابُ المَوتِ يُمطِرُهُم

حَتّى تَوَجَّهَ مِنهُم عارِضٌ بَرِدُ

وَالمَشرَفِيَّةُ أَشباهُ البُروقِ لَها

في كُلِّ جُمجُمَةٍ أَو بَيضَةٍ خُدَدُ

وَيَومَ صِفّينَ وَالأَبصارُ خاشِعَةٌ

أَمَدَّهُم إِذ دَعَوا مِن رَبِّهِم مَدَدُ

عَلى الأُلى قَتَلوا عُثمانَ مَظلِمَةً

لَم يَنهَهُم نَشَدٌ عَنهُ وَقَد نُشِدوا

فَثَمَّ قَرَّت عُيونُ الثائِرينَ بِهِ

وَأَدرَكوا كُلَّ تَبلٍ عِندَهُ قَوَدُ

فَلَم تَزَل فَيلَقٌ خَضراءُ تَحطِمُهُم

تَنعى اِبنَ عَفّانَ حَتّى أَفرَخَ الصَيدُ

وَأَنتُمُ أَهلُ بَيتٍ لا يُوازِنُهُم

بَيتٌ إِذا عُدَّتِ الأَحسابُ وَالعَدَدُ

أَيديكُمُ فَوقَ أَيدي الناسِ فاضِلَةٌ

وَلَن يُوازِنَكُم شيبٌ وَلا مُرُدُ

لا يَزمَهِرُّ غَداةَ الدَجنِ حاجِبُهُم

وَلا أَضِنّاءُ بِالمِقرى وَإِن ثُمِدوا

قَومٌ إِذا ضَنَّ أَقوامٌ ذَوُو سَعَةٍ

أَو حاذَروا حَضرَةَ العافينَ أَو جَحِدوا

باروا جُمادى بِشيزاهُم مُكَلَّلَةً

فيها خَليطانِ واري الشَحمِ وَالكَبِدِ

المُطعِمونَ إِذا هَبَّت شَآمِيَةٌ

غَبراءُ يَحجَرُ مِن شَفّانِها الصَرِدِ

وَإِن سَأَلتَ قُرَيشاً عَن أَوائِلِها

فَهُم ذُؤابَتُها الأَعلَونَ وَالسَنَدُ

وَلَو يُجَمَّعُ رِفدُ الناسِ كُلِّهِمِ

لَم يَرفِدِ الناسُ إِلّا دونَ ما رَفَدوا

فَالمُسلِمونَ بِخَيرٍ ما بَقيتَ لَهُم

وَلَيسَ بَعدَكَ خَيرٌ حينَ تُفتَقَدُ