أمنك للصب عند الوصل تذكار

أَمِنكَ لِلصَبِّ عِندَ الوَصلِ تَذكارُ

وَكَيفَ والحُبُّ إِظهارٌ وإِضمارُ

أَمّا أَنا فإِذا أَحبَبتُ جَارِيَةً

لَم أَنسَها أَبَداً وَالناسُ أَطوارُ

يا لَيتَ مَن وَلَدَت حَوّاءُ مِن وَلَدٍ

صُفّوا اِتِّباعاً لأَمرِي ثُمَّ أَختارُ

إِنيّ بُليتُ بِشَخصٍ لَيسَ يُنصِفُني

باغٍ لِقَتلي وَرَبّي مِنهُ لي جارُ

صادَت فُؤادِيَ مِكسالٌ مُنَعَّمَةٌ

كَالبَدرِ حينَ بَدا بيضاءُ مِعطارُ

خَودٌ تُشيرُ بِرَخصٍ حَفَّ مِعصَمَهُ

دُرٌّ وَساعِدُهُ لِلوَجهِ سَتّارُ

صادَت بِعَينٍ وَثَغرٍ رَفَّ لُؤلُؤُهُ

فالعَينُ مُمرِضَةٌ وَالثَغرُ سَحّارُ

يا لَيتَ لي قَدَحاً في رَاحَتي أَبَداً

قَد مَسَّ فَاها فَفيهِ مِنهُ آثارُ

طوبَى لِثَوبٍ لَها إِنّي لَأَحسُدُه

إِذا عَلاها وَشَدَّ الثوبَ أَزرارُ

ما سُمِّيَت قَطُّ إِلاّ هِجتُ أَذكُرُها

كأَنّما أُشعِلَت في قَلبيَ النارُ

يا مَن يُسائِلُ عَن وَجدي لِأُظهِرَهُ

إِنَّ المُحِبَّ لتَبدو مِنهُ أَسرارُ

فَاِسمَع مُناقَلَتي وَاُنظُر إِلى نَظَري

إِن كانَ مِنكَ لِما في الصَدرِ إِنكارُ

أَما اِسمُها فَهوَ مَكتومٌ فَلَيسَ لَهُ

مِنّي إِلَيكَ بِإِذنِ اللَهِ إِظهارُ

كَأَنَّما القَلبُ مِن يَومِ اِبتُليتُ بِها

بَينَ السَماءِ وَبَينَ الأَرضِ طَيّارُ

ما لِلهَوى لا أَراشَ اللَهُ أَسهُمَهُ

إِنَّ الهَوى لِعِبادِ اللَهِ ضَرّارُ

أَمسى يُكَلِّفُني خَوداً مُمَنَّعَةً

مِنّي وَمِن دونِها حُجبٌ وَأَستارُ

تِلكَ الرَبابُ وَلا إِعلانَ لَو عَلِمَت

ما بي لَقَد هاجَها شَوقٌ وَتَذكارُ

طالَ الوُقوفُ بِبابِ الدارِ في عِلَلٍ

حَتّى كأَنّي لِبابِ الدارِ مِسمارُ

إِنّي أُطِيلُ وَإِن لَم أَرجُ طَلعَتَها

وَقِفي وَإِنّي إِلى الأَبوابِ نَظّارُ

أَقولُ لِلدارِ إِذ طالَ الوُقوفُ بِها

بَعدَ الكَلالِ وَماءُ العَينِ مِدرارُ

يا دارُ هَل تَفقَهينَ القَولَ عَن أَحَدٍ

أَم لَيسَ إِن قالَ يُغني عَنهُ إِكثارُ

يا دارُ إِنَّ غَزالاً فيكِ بَرَّحَ بي

لِلَّهِ دَرُّكِ ما تَحوينَ يا دارُ

مازِلتُ أَشكو إِلَيها حُبَّ ساكِنِها

حَتّى رَأَيتُ بِناءَ الدارِ يَنهارُ

ما لي أَزورُ أُناساً لَيسَ يَعرِفُني

مِن أَهلِهِم أَحَدٌ إِنّي لَزَوّارُ

أما لَئِن قَبِلوا عُذري لَقَد عَدَلوا

في حُكمِهِم وَلَئِن رَدّوا لَقَد جارُوا

قالوا نَسيرُ فَلا ساروا وَلا وَقَفوا

وَلا اِستقَلَّت بِهِم لِلبَينِ أَكوارُ

ما عِندَهُم فَرَجٌ في قُربِ دارِهِمُ

وَلا لَنا مِنهمُ في البُعدِ أَخبارُ

إِذا تَرَحَّلَ مَن هامَ الفُؤادُ بِهِم

فَما أُبالي أَقامَ الحَيُّ أَم ساروا