يا من تمادى قلبه في الهوى

يا مَن تَمادى قَلبُهُ في الهَوى

سالَ بِكَ السَيلُ وَلا تَدري

أَبَعدَ ما قَد صِرتَ أُحدوثَةً

بِالنُسكِ مِثلَ الحَسَنِ البَصري

أَسقَمتَ جِسماً كانَ ذا صِحَّةٍ

مُقَلَّبَ القَلبِ عَلى الجَمرِ

لا جَزَعي يَنفَعُني عِندَكُم

شَيئاً وَلا أَصبِرُ لِلصَبرِ

إِنَّ الَّذي أُظهِرُ عِندَ الَّذي

أُضمِرُ كَالنُقطَةِ في البَحرِ

اليَومُ مِثلُ العامِ حَتّى أَرى

وَجهَكِ وَالساعَةُ كَالشَهرِ

وَاللَهِ لَولا نَظَري كُلَّما

غابَت إِلى الشَمسِ أَوِ البَدرِ

أُعَلِّلُ النَفسَ بِأَشباهِها

لَما اِستَقَرَّ القَلبُ في الصَدرِ

كَأَنَّ كَأساً سَلسَبيلِيَّةً

مَملوءَةً بِالمِسكِ وَالخَمرِ

طَعمُ ثَناياها بُعَيدَ الكَرى

أَخبُرُهُ مِنها بِلا خُبرِ

تِلكَ الَّتي لَو ذُقتُ مِن رِيقِها

ما ذُقتُ سُقماً آخِرَ الدَهرِ

ماذا عَلى أَهلِكِ أَن لا يَروا

عِطراً وَأَنتِ العِطرُ لِلعِطرِ

أَمّا الَّتي عاتَبتِ في أَمرِها

بِما تَظُنّينَ مِنَ الأَمرِ

فَهوَ كَما قُلتِ وَلَكِنَّني

لَم أَرتَكِب شَيئاً سِوى الذِكرِ

فعاقِبيني إِنَّني حالِفٌ بِاللَهِ

رَبِّ الشَفعِ وَالوَترِ

أَفسَدَ قَلبي شادِنٌ أَحوَرٌ

يَسحَرُ بالعَينَينِ وَالثَغرِ

لَو كُنتُ أَدري أَنَّهُ ساحِرٌ

عَلَّقتُ تَعويذاً مِنَ السِحرِ

كُنتُ أُهادِيهِ سَلامي فَلا

يَدخُلُهُ شَيءٌ مِنَ الكِبرِ

حَتّى إِذا خاطَبتُهُ بِالهَوى

خاطَبَني بِالسَبِّ وَالزَجرِ

فَلَيتَهُ عادَ وَعُدنا لَهُ

بِمِثلِ ما كُنّا إِلى الحَشرِ

لَو لَم يَكُن هَجرٌ لَطابَ الهَوى

أَعاذَنا اللَهُ مِنَ الهَجرِ