غادرني صبا حليف الوصب

غادرني صبّا حليف الوصب

نصيبي الهمّ وطول النصب

غض الصبا معتدل قده

كالحصن هزته صبا فاضطرب

كأنما في فيه غب الكرى

خمر لها در الثنايا حبب

لم أنسه إذ زارني سالبا

لبي وعقد الأفق لم يستلب

والليل لم يطو بنود الدجى

والفجر ما لشر بيض العذب

بدر إذا قابلني سافرا

حسبته بالجلنار انتقب

يمزج لي بالصفو من ريقه

عذبا وبابن المزن بنت العنب

في روضة راض ثراها الحيا

فأضحك الزهر بها وانتحب

سلت على الفضة من مائها

أنامل البرق ظبي من ذهب

كأنما جدولها أرقم

أذعر في رملته فانسرب

فناظر النرجس ساه إلى

ثغر أقاح راق منه الشنب

والمورق المخضر قد هزه

إذ غنت الورق عليه طر ب

والورد يحكي نشره ضائعا

نشر أبي الفضل المضاع النشب

الصاحب الساحب ذيل العلى

والواهب الخرق الكريم الحسب

فارس بيض الهند مذروبة

والخيل قبّا والقنا واليلب

اعلب مشحوذ غرارا النهى

والعزم ما غالب الا غلب

رواؤه يكسف شمس الضحى

ورأيه يكشف داجي الكرب

طامي بحار الجود هامي الندى

عالي منار المجد زاكي الحسب

مبيض وجه الرفد يوم الرضا

محمر متن السيف يوم الغضب

قد فاز من سالمه بالمنى

وباء من حاربه بالحر ب

تلقاه قيس الرأي إما عرا

خطب وقص القول إما خطب

إن فضل الأجواد طرا فلا

مرية إن يفضل نبع غرب

محتقب للشكر لا للهمى

والشكر من أنفس ما يحتقب

مؤيد الإسلام يا منعما

سمت معالي مجده والرتب

يا من نرى أخلاقه حلوة

كأنها مخلوقة من ضرب

لله بشراك قبل الندى

يبشر الوفد بنجح الطلب

وعزمة كالنار وقادة

لو رمي الماء بها لالتهب

أصبحت كالليث حمى غيله

بأسا وكالغيث همى وانسكب

ما بعد الرزق على مقتر

ناداك إلا ودنا واقترب

يا راكبا شبت غداة السرى

برحله ذعلبة كالشّبب

يحاول الري لدى معشر

ورد الندى بينهم قد نضب

خذ جانبا عنهم ومل بالمنى

إلى جناب قط لم يجتنب

جناب مجد الدين خدن العلى

وقاتل المحل ومحبي الأدب

فما السحاب الجون مس الثرى

هيد به معتنقا وانسحبِ

فبرقه مبتسم ضاحك

ورعده وتجز في صخبِ

يوما بأندى منك للمجتدي

صوب بنان سيله في صبب

فلا نبا حد لرأي ترى

ولا تمشت في حماك النوب