حنانيك إن الغدر ضربة لازب

حَنَانَيْكَ إنَّ الغَدْرَ ضَرْبةُ لازِبِ

فيا لَيتَ للأحبابِ عَهدَ الحَبائِبِ

شَكَوْتُهُمُ سِرّاً شِكايَةَ مُشْفِقٍ

وحَيَّيْتُهمْ جَهراً تحيّةَ عاتِبِ

أُقَلِّبُ طَرْفي في عُهودٍ وراءَها

خَبيئَةُ غَدرٍ في مَخيلَةِ كاذِبِ

وأعْطِفُ أخلاقي على ما يَريبُها

إلَيْهِم فقد سَدَّ الوَفاءُ مَذاهِبي

ولي دونَهُمْ منْ سِرِّ عَدنانَ فِتيةٌ

نِزاريّةٌ تَهفو إليهِمْ ضَرائبي

إذا ما حَدَوْتُ الأرْحَبيَّ بِذِكْرِهمْ

عَرَفْتُ هَواهُم في حَنينِ الرّكائِبِ

ولكِنْ أبَتْ لي أن أُوارِبَ صاحِباً

سَجيَّةُ شَيْخَيْنا لُؤَيٍّ وغالِبِ

فللّهِ قَوْمٌ بالعُذَيْبِ إليهِمُ

نَضَوْتُ مِراحَ الرَّازِحاتِ اللَّواغِبِ

طَرَقْتُهُمُ والليلُ مَرْضى نُجومُهُ

كأنَّ تَواليها عُيونُ الكَواعِبِ

وثاروا إِلى رَحْلي تَحُلُّ نُسوعَهُ

أنامِلُ صِيغَتْ للظُّبا والمَواهِبِ

وهَبَّ الغُلامُ العَبْشَميُّ بسَيفِهِ

إِلى جُنَّحِ الأضلاعِ مِيلِ الغَوارِبِ

بأبْيَضَ مَصقولِ الغِرارَيْنِ حَدُّهُ

نَجِيُّ عَراقيبِ المَطيِّ النّجائِبِ

كأنّ الحُسامَ المَشرَفيَّ شَريكُهُ

إذا سَنَحَتْ أُكْرومَةٌ في المَناقِبِ

وما هي إلا شِيمَةٌ عربيّةٌ

تَنَقَّلُ من أيْمانِنا في القَواضِبِ

فما ليَ في حَيَّيْ خُزَيمَةَ بَعدَهُمْ

أُريغُ أماناً من رِماحِ الأجارِبِ

وتَغدو إِلى سَرْحي أراقِمُ وائِلٍ

وقَد كان تَسْري في رُباهُمْ عَقاربي

أفي كُلِّ يومٍ من مُشايَحةِ العِدا

أُعالِجُ رَوعاتِ الهُمومِ الغَرائِبِ

كأنِّيَ لمْ أسفَحْ بتَيماءَ غارَةً

تُفرُّقُ ما بينَ الطُّلى والكَواثِبِ

ولمْ أرْدِفِ الحَسناءَ تَبكي منَ النّوى

وتَشكو إِلى مُهْري فِراقَ الأقارِبِ

فَغادَرَني صَرْفُ الزَّمانِ بمَنْزِلٍ

أطأطِئُ فيهِ للخَصاصَةِ جانِبي

وأذْكُرُ عَهدي من غُفَيْلَةَ بَعدَما

طَوَيْتُ على أسرارِ حُزْوى تَرائِبي

وما كُنتُ أخشى أنْ أوَكِّلَ ناظِري

ببَرْقٍ كَنارِ العامِريّةِ خالِبِ

ولا أمْتَطي وَجْناءَ تَختَلِسُ الخُطا

وتَشْكو أظلَّيْها عِراصُ السّباسِبِ

وتوغِلُ في البَيْداءِ حتى كأنّها

خَيالٌ أُناجيهِ خِلالَ الغَياهِبِ

عليها غُلامٌ من أميّةَ شاحِبٌ

يُنادِمُ أسْرابَ النّجومِ الثّواقِبِ

فَما صَحْبُهُ الأدْنَوْنَ غيرَ صَوارِمٍ

ولا رَهْطُهُ الأعْلَوْنَ غيرَ كَواكِبِ

يلُفُّ وإنْ كَلَّ المَطِيُّ مَشارِقاً

على هِمَّةٍ مَجنونَةٍ بمَغارِبِ

ويُطبِقُ جَفْنَيهِ إذا اعْتَرَضَ السَّنا

مَخافَةَ أنْ يُمْنَى بِنارِ الحُباحِبِ

دَعاهُ ابنُ مَنصورٍ فَقارَبَ قَيْدَهُ

على البَحْرِ في آذِيَّهِ المُتَراكِبِ

وألْقَى بمُسْتَنِّ الأيادي رِحالَهُ

فنَكَّبَ أذْراءَ الخَليطِ الأشائِبِ

أغَرُّ إذا انْهَلَّتْ يَداهُ تَواهَقَتْ

مَنايا أعاديهِ خِلالَ الرّغائِبِ

تَبَرَّعَ بالمعْروفِ حتّى كأنّهُ

يَعُدُّ اقْتِناءَ المالِ إحْدى المَثالِبِ

منَ القَوْمِ لا يَسْتَضْرِعُ الدّهْرُ جارهُمْ

ولا يَتحاماهُ حِذارَ النّوائِبِ

عِظامُ المَقاري والسَّماءُ كأنَّها

تَمُجُّ دَمَاً دونَ النُّجومِ الشَّواحِبِ

مَساميحُ للعافي ببيضٍ كَواعِبٍ

وصُهْبٍ مَراسيلُ وجُرْدٍ سَلاهِبِ

وأفياؤهُمْ للمُجْتَدي في عِراصِها

مَجَرُّ أنابيبِ الرِّماحِ السّوالِبِ

ومَلْعَبُ فِتيانٍ ومَبْرَكُ هَجْمَةٍ

ومَسْحَبُ أطْمارِ الإماءِ الحَواطِبِ

إليكَ أمينَ الحَضرَتَيْنِ تَناقَلَتْ

مَطايا بأنضاءٍ خِفافِ الحَقائِبِ

وهُنَّ كأمثالِ القِسِيِّ نَواحِلٌ

مَرَقْنَ بأمثالِ السِّهامِ الصّوائِبِ

فإِنَّ يَداً طَوَّقْتَني نَفَحاتُها

لَمُرْتَقِبٌ منها بُلوغَ المآرِبِ