من أغفل الحزم أدمى كفه ندما

مَنْ أغْفَلَ الحَزْمَ أدْمى كَفَّهُ نَدَما

واسْتَضْحَكَ النّصْرَ مَنْ أبْكى السّيوفَ دَما

فالرّأيُ يُدْرِكُ ما يَعْيَى الحُسامُ بهِ

إذا الزّمانُ بِذَيلِ الفِتْنَةِ الْتَثَما

هابَ العِدا غَمَراتِ المَوْتِ إذْ بَصُروا

بالأُسْدِ تَنْزِلُ مِنْ سُمْرِ القَنا أجَما

والخَيْلُ عابِسَةٌ يَعْتادُها مَرَحٌ

إذا امتَطاها نِظامُ الدّينِ مُبْتَسِما

في ساعَةٍ تَذَرُ الأرْماحَ راعِفةً

والمَشْرَفيَّ على الأرواحِ مُحْتَكِما

رَطْبُ الغِرارَيْنِ مأمونٌ على بَطَلٍ

يَخشى زَماناً على الأحرارِ مُتَّهَما

تَلوحُ غُرَّتُهُ والجُرْدُ نافِضَةٌ

على جَبينِ الضُّحى منْ نَقْعِها قَتَما

وللسّهامِ حَفيفٌ في مَسامِعِهمْ

كالنّحْلِ ألْقَيْتَ في أبْياتِهِ الضَّرَما

إذا اسْتَطارَتْ طِلاعَ الأُفْقِ أرْدَفَها

بالبيضِ عُوِّضْنَ عن أغْمادِها القِمَما

لمْ تَطْلُعِ الشّمسُ إلا استُقْبِلَتْ بِعَمىً

ولا بَدا النّجْمُ إلا اسْتَشْعَرَ الصّمَما

توقّفوا كارْتِدادِ الجَفْنِ وانصَرَفوا

كما طَرَدْتَ حِذارَ الغارَةِ النَّعَما

والأعْوَجِيّةُ كادَتْ مِنْ تَغَيُّظِها

على فَوارِسِها أنْ تَلْفِظَ اللُّجُما

منْ كُلِّ طِرْفٍ يَبُذُّ الطّرْفَ مُلتَهِباً

في حُضْرِهِ ولِشَأْوِ الرّيحِ مُلْتَهِما

رَدْعُ النّجيعِ مُبينٌ في حَوافِرِها

مِمّا يَطَأْنَ بِمُسْتَنِّ الرّدى بُهَما

كأنّ كُلَّ بَنانٍ منْ ولائِدِهِمْ

أهْدى إلَيْهِنّ إذْ نَجَّيْنَهُمْ عَنَما

باضَ النَّعامُ على هاماتِهمْ وهُمْ

أشْباهُهُ والوَغى يَستَرْجِفُ اللِّمَما

فَباتَ أرْحَبُهمْ في كُلِّ نائِبَةٍ

ذَرْعاً تَضيقُ عليهِ الأرضُ مُنْهَزما

وما التَفَتَّ احتِقاراً نحوَهُ وبِهِ

نَجلاءُ يَلْوي لَها حَيْزومَهُ ألَما

ولو أمَلْتَ إليه السّوطَ غادَرَهُ

شِلْواً بمُعتَرَكِ الأبطالِ مُقْتَسَما

وعُصبَةٍ مُلِئَتْ غَيظاً صُدورُهُمُ

منْ مُخفِرٍ ذِمّةً أو قاطِعٍ رَحِما

واستَوْطَؤوا ثَبَجَ البَغْضاءِ واجتَذَبوا

حَبْلاً أُمِرَّ على الشّحْناءِ فانْجذَما

والشَّعبُ إنْ دَبّ في تَفريقِهِ إحَنٌ

فلن يَعودَ طَوالَ الدّهرِ مُلْتَئِما

وأنتَ أبعَدُ في فَضْلٍ ومَكْرُمةٍ

شأوأُ وأثْبَتُ منهمْ في الوَغى قدَمَا

وخَيْرُهُمْ حَسَباً ضخْماً وأغْزَرُهُمْ

سَيْباً وأضفى على مُسْتَرْفِدٍ نِعَما

تَعْفو وتَصْفَحُ عنْ عِزٍّ ومَقدِرَةٍ

ولا نَراكَ وقيذَ الحِلْمِ مُنْتَقِما

إذا أذابَ شَرارُ الحِقْدِ عاطفَةً

هَزَزْتَ للعَفْو عِطْفَيْ سُؤدَدٍ كَرَما

فوَدَّ كُلُّ بَريءٍ مُذْ عُرِفْتَ بهِ

دون البَريّةِ أنْ يَلْقاكَ مُجْتَرِما

ومِنْ مَساعيكَ فَتْحٌ إذ سَلَلْتَ لهُ

رَأياً فَلَلتَ به الصّمْصامَةَ الخَذِما

أضحى بهِ الدِّينُ مُفْتَرّاً مَباسِمُهُ

والمُلْكُ بعدَ شَتاتِ الشّملِ مُنتَظِما

فأشْرَقَ العَدْلُ والأيامُ داجِيةٌ

بَثّتْ يَدُ الظُّلْمِ في أرجائِها الظُّلَما

وقد رَمى بِكَ ركْنُ الدينِ مُعضلةً

يَهابُ كلُّ كَميٍّ دونَها قُحَما

فقُمْتُ بالخَطْبِ مَرْهوباً عَواقِبُهُ

للعَزْمِ مُحتَضِناً للحَزْمِ مُلتَزِما

كالبَحرِ مُتَلْطِماً والفَجْرِ مُبتَسِماً

والليثِ مُعتَزِماً والغَيثِ مُنسَجما

كَفَتْهُ كُتْبُكَ أن تُزْجى كتائِبُهُ

وأُلْهِمَ السّيفُ أن يَستنْجِدَ القَلَما

تَلْقى الشّدائِدَ في نَيْلِ العُلا وَلَها

يُعالِجُ الهَمَّ مَنْ يَستنْهِضُ الهِمَما

وإنْ أرابَكَ منْ دَهْرٍ تَكَدّرُهُ

كُنتُ المُصَفّى على أحْداثِهِ شِيَما

فابْسُطْ إِلى أمَدٍ تَسْمو إليهِ يَداً

تَكفي المُؤمِّلَ أنْ يَستَمْطِرَ الدِّيَما

ولا تُبَلْ سَخَطَ الأعداءِ إنّهمُ

يَرضَوْنَ منكَ بأن تَرضى بهِمْ خَدَما

وسَلْ بيَ المَجْدَ تعلمْ أيَّ ذي حَسَبٍ

في بُردَتَيَّ إذا ما حادِثٌ هَجَما

يُلينُ للخِلِّ في عزٍّ عَريكَتَهُ

مَحْضَ الهَوى ولهُ العُتْبى إذا ظُلِما

منْ مَعشَرٍ لا يُناجي الضّيمُ جارَهُمُ

نِضْوَ الهُمومِ غَضيضَ الطّرْفِ مُهْتَضَما

فصِحّةُ الوُدِّ تَأبى وهْيَ ظاهِرةٌ

أن تُخفيَ الحالُ في أيّامكُمْ سَقَما

والدّهْرُ يعلَمُ أنِّي لا أذِلُّ لهُ

فكيفَ أفتَحُ بالشّكوى إليكَ فما