أما ورب البيت لو لم أشغل

أَما وَرَبِّ البَيتِ لَو لَم أُشغَلِ

شُغلاً بِحَقٍّ غَيرِ ما تَكَسُّلِ

ما كُنتُ مِن تِلكَ الرِجالِ الخُذَّلِ

ذي رَأيِهِم وَالعاجِزِ المُخَسَّلِ

عَن هَيجِ إِبراهيمَ يَومَ المَرحَلِ

وَجَعلِ نَفسي مَعَهُ وَمِقوَلي

مِن أَجلِ أَنَّ وُدَّهُ لَم يَنسُلِ

مِنّي وَلا بَلاؤُهُ إِذ نَبتَلي

مِنهُ أَهاضيبَ رَبيعٍ مُسبِلِ

فَلَستُ أَنساهَ كَما يَنسى السَلي

عَلى التَنائي وَالزَمانِ الأَعصَلِ

يا بُشرَتا بِالخَبَرِ المُغَلغَلِ

إِلَيَّ ذي الحَلاوَةِ المُعَسَّلِ

جاءَ بِهِ مَرُّ البَريدِ المُرسَلِ

مِنَ السَراةِ ناشِطاً لِلأَجبُلِ

بُعالِهِنَّ القَهبِ وَالمُجَزَّلِ

إِذ نَذَرَ الناذِرُ نَذرَ المُجذَلِ

صَوماً عَنِ الطَعامِ وَالتَعَلُّلِ

إِلى اِنقضاءِ شَهرِهِ المُهَلِّلِ

إِن آبَ إِبراهيمُ لَم يُحَوَّلِ

وَلَم يُحَمَّل مَغرَماً فَيُثقَلِ

مِن بَعدِ ما قالَ البَريدُ عَجِّلِ

بِرِحلَةٍ وَافزَع إِلى التَوَكُّلِ

فَراحَ مِن حَجرٍ قُبَيلَ المُوصَلِ

وَقَبلَ مُغسى المَلثِ المُطَفِّلِ

مُستَجمِعَ الأَمرِ جَميعَ الأَرمَلِ

تَبري لَهُ مِن أَيمُنٍ وَأَشمُلِ

خَوالِجٌ مِن أَسعُدٍ أَن أَقبِلِ

إِلى أُثالَ مُلكِكَ المُؤَثَّلِ

وَأَصلِ مُلكٍ لَكَ لَم يُزَلزَلِ

لَو كُنتَ كَالعارِفِ بِالتَفَؤُّلِ

إِذ بَشَّرَتكَ الطَيرُ أَن لا تَوجَلِ

عَلِمتَ أَنَّ اللَهَ غَيرُ مُغفِلِ

حُسنى مَساعيكَ وَلا مُبَدِّلِ

حُسناكَ سُوءاً فاجرِ غَيرَ مُجبِلِ

حُزونَةً وَلا بِسَهلٍ مُوحِلِ

مُبَجَّلاً وَالحَظُّ لِلمُبَجَّلِ

فَقَد كَفى اللَهُ غيالَ الغُوَّلِ

وَأَطعِمِ الواشينَ خُشنَ الجَندَلِ

فَاِنقَضَّ بِالسَيرِ وَلا تَعَلَّلِ

بِمِجدَلٍ وَنِعمَ رَأسُ المِجدَلِ

عَلَيهِ بِاللهِ بَلاغُ الرُحَّلِ

مِنَ الصِحابِ وَمَتاعُ المُرمِلِ

سامٍ إِلى المَعلاةِ غَيرُ حَنبَلِ

كَزٍّ وَلا مُزَلَّمٍ كَوَألَلِ

وَصّالِ إِخوانِ النَدى مُوَصَّلِ

يَرتاحُ أَن تَبرُدَ ريحُ الشَمألِ

يَرمي بِأَجوازِ المَهارى النُحَّلِ

ذَوابِلاً مِثلَ القِسِيِّ الذُبَّلِ

حَوانياً مِن سُبَّتٍ وَذمَّلِ

يَنتُقنَ بِالقَومِ مِنَ التَزَغُّلِ

وَهِزَّةِ المِراحِ وَالتَخَيُّلِ

مَيسَ عُمانَ وَرِحالَ الإِسحِلِ

يَغلو بِها رَكبانُها وَتَغتَلي

مَعجَ المَرامي عَن قياسِ الأِشكَلِ

مِن قُلقُلاتٍ وَطُوالٍ قُلقُلِ

بِأَذرُعٍ سَوابِحٍ وَأَرجُلِ

مُجَنَّباتٍ للِنجاءِ زُجَّلِ

يَقطَعنَ عَرضَ الأَرضِ بِالتَمَحُّلِ

جَوزَ الفَلا مِن أَرمُلٍ وَأرمُلِ

عَوانِكاً مِن عَقِدٍ مُسَلسَلِ

تَرى لِصيرانِ المَها المُسَروَلِ

وَشيَ شَوىً تَحتَ سَراً مُجَلَّلِ

سَبائِبَ الكَتّانِ بَعدَ الغُسَّلِ

مَكانِساً مِن مُحدَثٍ وَمُوأَلِ

في هَيكَلِ الضالِ وَأرطىً هَيكَلِ

وَأُمُلٍ مَوصُولَةٍ بأمُلِ

تَنحى بِطولِ أَحبُلٍ وَأَحبُلِ

عَزفَ مَعازيفَ قِفافٍ قُفَّلِ

تَسمَعُ في أَصوائِهِنَّ المُثَّلِ

بَعدَ الكَرى تَنهيتَ هامٍ ثُكَّلِ

يُعقِبنَ بَعدَ النَومِ بِالتَوَلوُلِ

إِذا الظَلامُ وَهوَ داجي المِشمَلِ

تَغَمَّدَ الأَعلامَ بِالتَجَلُّلِ

وَحالَتِ الظَلماءُ بِالتَهَوُّلِ

دونَ الجِبالِ وَفِجاجِ المَنقَلِ

وَأَحثَلَ الوَسيقَ كُلَّ مُحثَلِ

مِنَ المَطايا وَالرِجالِ الوُغَّلِ

لَقيتَ إِبراهيمَ غَيرَ زُمَّلِ

يَنقَضُّ بِالقَومِ اِنقضاضَ الأَجدَلِ

إِذا سَقى النُعاسُ كُلَّ مَفصِلِ

عُسَّ كَرىً مِنَ الكَرى المُثَمِّلِ

وَآضَتِ الأَعناقُ سولَ العُنصُلِ

مُختَضِعاتٍ بِرُؤوسٍ مُيَّلِ

هَنّا وَهَنّا بِرَجوفٍ مُرقِلِ

تَراهُ لِلواسِطِ كِالمُقَبِّلِ

أَقامَ إِبراهيمُ صَدرَ العَنسَلِ

إِذ خَثَرَ القَومُ خَثورَ الثُمَّلِ

حِتّى إِذا أَعجازُ لَيلٍ غَيطَلِ

أَوفَت عَلى الغَورِ وَلَمّا تَفعَلِ

وَصاحَ مِنها في تَوالي ما تَلى

ضِياءُ فَجرٍ كَالضِرامِ المُشعَلِ

تَجلو قُداماهُ الدُجى فَتَنجَلي

عَن صَلَتانٍ مِثلِ صَدرِ المُنصُلِ

أَفنى الضَريباتِ وَلَم يُفَلَّلِ

يُذري بِارعاشِ يَمينِ المُؤتَلي

خُضُمَّةَ الذِراعِ هَذَّ المُختَلي

سُوقَ الحَصادِ بَغُروبِ المِنجَلِ

حَتّى تَناهى حَيثُ لَم يُتَلتَلِ

وَلَم يُحَوِّل رَحلَهُ في المَنزِلِ

وَحاقِدٍ أَزمَعَ بِالتَزَيُّلِ

أَن يُخبِرَ الإِمامَ كُلَّ مَدخَلِ

مِن أَهلِهِ وِباطِنٍ وَجَلَلِ

فَقالَ للاِمامِ هَذا قِبَلي

بِذي غِنى أَهلي أَصفى مَأكَلي

قال لَهُ الإِمامُ ما جَمَعتَ لي

فَقالَ إِبراهيمُ عُذرَ المُؤتَلى

أَما وَعَهدِ اللَهِ أَن لَم أَغفُلِ

جَمعاً وَلَكِنَّ جَميعَ عَمَلي

شَقَّقَهُم شَلُّ السنينَ الشُلَلِ

يَعُدنَ بَعدَ البَدءِ بِالتَجَبُّلِ

يَدَعنَ ذا الثَروَةِ كَالمُعَيَّلِ

وَصاحِبَ الإِقتارِ لَحمَ الجَيئَلِ

وَالعَضِ مِن جَدبِ زَمانٍ مُعضِلِ

وَعُرفاءَ لِلامام حُمَّلِ

عَلى العَمى وَعَن هُداهُم ذُهَّلِ

لِما اَستَطاعوا مِن خَبالٍ خُبَّلِ

وَلِلأَميرِ مُعنِتينَ غُلَّلِ

مِن حُرُماتِ اللَهِ ما لَم يُحَلَلِ

وَإِن لَقوا ذا ضَعفَةٍ قالوا اِجعَلِ

فَاِن يَوضِّح بِالخَبيثِ الأَقلَلِ

يَرضوا وَيَنسوا خَفَرَ التَزَوُّلِ

وَإِن يَقُل لا جُعلَ عِندي يُعكَلِ

مِنها ثِنىً عَلى ثِنىً مُعَقَّلِ

يُقالُ عُمّالٌ وَشَرُّ عُمَّلِ

وَلا أُحاشي عَن فُلٍ وَلا فُلِ

كُلَّ أَصَمَّ قَلبُهُ مَهما يَلي

مِمّا يَعافُ الصالِحونَ يَأكُلِ

وَجَدَ الكَليبِ بِاللِحامِ الصُلَّلِ

مُستَبطِناً أَمانَةً كَالمُنخُلِ

فَأَصبَحوا بَعدَ الزَمانِ الدَغفَلِ

كَالبُردِ بَعدَ الجِدَّةِ المُرَعبَلِ

فَرَعلَةٌ بِالأُدَمى وَالمغسَلِ

وَالخَرجِ لا تَستطيعُ مِن تَحَلحُلِ

وَبِالرُسومِ ورَواطِي صُلصُلِ

رَضائِمٌ أَعيَت عِنِ التَنَقُّلِ

هَلكَى بِلا تَجرٍ وَلا تَمَوُّلِ

وَكَرِشٍ بِهَجرٍ لَم يَحتَلِ

وَعامِدٍ بِنَفسِهِ لِلدَّيبُلِ

وَعامِدٍ سَمتَكَ لَم يُنَعَّلِ

نَعلاً وَلا ظَهراً سِوى التَرجُّلِ

حَتّى تَناهى لِمناهي المَوئِلِ

مِن فَقرِهِ وَمُنعِشِ المُعَوِّلِ

إِلى سُلَيمانَ العَقولِ المُعقِلِ

لِذي عُقولِ الناسِ وَالمُنكِّلِ

ذا الدَرءِ حَتّى يَنتَحوا لِلأعدَلِ

قَومٌ لَهُم عَزازَةُ التَدَكُّلِ

عَلى العِدى وَسُخرَةُ المُرَفَّلِ

ما فَتِئوا مِن أَوَّلٍ فأَوَّلِ

يَمرونَ أَخلافَ الحُروبِ البُهَّلِ

حَتّى يُدِرّوها عَلى التَبَخُّلِ

لَهُم بِآكالِ الدَسيعِ العُدمُلِ

وَما اِصطَلى أرماحَهُم مِن مُصطَلِ

مِن العِدى في كُلِّ يَومٍ مُعضِلِ

يَحُشُّ قَتلاً بِأَكُفِّ القُتَّلِ

إِلّا جَلوا عَنهُ عَجاجَ القَسطَلِ

بِوَلقِ طَعنٍ غائِرٍ وَنُجَّلِ

يَختَرِمُ الأَجوافَ بِالتَخَلُّلِ

خِلالَ ضَربٍ حَيثُ يَفلي المُفتَلي

مِن الرُؤوسِ وَالقَذالِ الأَقذَلِ

إِلّا هَوى عَدُوُّهُم لِلكَلكلِ

أَو لِقَفاهُ بِالحَضيضِ الأَسفَلِ

وَفي الحَراكيكِ بِخُدبٍ جُزَّلِ

لُجفاً كَأِشداقِ القِلاصِ الهُدَّلِ

وَإِن سُقاةُ المَجدِ يَومَ المَحفِلِ

تَواضَخوا في الجَمِّ وَالتَمكُّلِ

حَول الجِبى بِدالياتِ المُدَّلي

نَفى السُقاةَ بِالمَقامِ الأَوشَلِ

وَاَغتَرفَ المَجدَ بغَربٍ سَحبَلِ

رَحبِ الفُروغِ حَوأَبٍ مُثَجَّلِ