ذاد ورد الغي عن صدره

ذادَ وِردَ الغَيِّ عَن صَدَرِهْ

وَارعَوى وَاللَهوُ مِن وَطَرِهْ

وَأَبَت إِلّا الوَقارَ لَهُ

ضَحِكاتُ الشّيبِ في شَعَرِهْ

نَدمى أَنَّ الشَبابَ مَضى

لَم أُبَلِّغهُ مَدى أَشَرِه

وَاِنقَضَت أَيّامُهُ سَلَماً

لَم أَهِج حَرباً عَلى غِيَرِه

حَسَرَت عَنّي بَشاشَتُهُ

وَذَوى اليانِعُ مِن ثَمَرِه

وَصَغَت أُذني لِزاجِرها

وَلَما تَشجى لِمُزدَجِرِه

إِذ يَدي تَعصي بِقُوَّتِها

لا تَرى ثَاراً لِمُثَّئِرِه

وَالصِبا سَرحٌ أُطيفُ بِهِ

فَأُصيبُ الأُنسَ مِن نُفُرِه

تَرعَوى بِاِسمى مَسارِحُهُ

وَيلى لَيلى بَنو سَمَرِه

وَغَيورٍ دونَ حَوزَتِهِ

حُزتُ خَلفَ الأَمنِ مِن حَذَرِهِ

وَدَمٍ أَهدَرتُ مِن رَشا

لَم يُرِد عَقلاً عَلى هَدَرِه

باتَ يُدني لي مَقاتِلَهُ

وَيُفَدّيني عَلى نَفَرِه

فَأَتَت دونَ الصِبا هَنَةٌ

قَلَبَت فوقي عَلى وَتَرِه

جارَتا لَيسَ الشَبابُ لِمَن

راحَ مَحنِيّاً عَلى كِبَرِه

ذَهَبَت أَشياءُ كُنتُ لَها

صارَها حِلمى إِلى صَوَرِه

طَرَقَت تَلحى فَقُلتُ لَها

اِذهَبي ما أَنتِ مِن سُوَرِه

قدكَ مِن موفِ عَلى أَمَلٍ

تَحسِرُ الأَبصارَ عَن نَظَرِه

إِنَّ مِن دونِ الغِنى جَبَلاً

سَتَكوس العيس في وَعَرِه

يَتَناضَلنَ السُرى قُذُفاً

قَد كَساها المَيس مِن قَتَرِه

كَم دُجى لَيلٍ عَسَفنَ بِهِ

يَبتَعِثنَ الصُبحَ مِن كِسَرِه

يَتَفَرّى عَن مَناسِمِها

كَتَفَرّي النارِ عَن شَرَرِه

دَع جَدا قَحطانَ أَو مُضَرٍ

في يَمانيهِ وَفي مُضَرِه

وَاِمتَدِح مِن وائِلٍ رَجُلاً

عَصَرُ الآفاقِ مِن عَصَرِه

المَنايا في مَقانِبِهِ

وَالعَطايا في ذَرا حُجَرِه

هَضَمَ الدُنيا بِنائِلِهِ

وَأَقالَ الدينَ مِن عَثَرِه

مَلِكٌ تَندى أَنامِلُهُ

كَاِنبِلاجِ النَوءِ عَن مَطَرِه

مُستَهِلٌّ عَن مَواهِبِهِ

كَاِبتِسامِ الرَوضِ عَن زَهَرِه

عَقَدَ الجِدُّ الأُمورَ بِهِ

حينَ لَم يَنهَض بِمَتَّعَرِه

فَكَفاها وَاِستَقَلَّ بِها

لَم تَضِف وَهناً قُوى مِرَرِه

جَبَلٌ عَزَّت مَناكِبُهُ

أمِنَت عَدنانُ في ثُغرِه

إِنَّما الدُنيا أَبو دُلَفٍ

بَينَ مَغزاهُ وَمُحتَضَرِه

فَإِذا وَلّى أَبو دُلَفٍ

وَلَّتِ الدُنيا عَلى أَثَرِه

لَستُ أَدرى ما أَقولُ لَهُ

غَيرَ أَن الأَرضَ في خَفَرِه

يا دَواءَ الأَرضِ إِن فَسَدَت

وَمُديلَ اليُسرِ مِن عُسُرِه

كُلُّ مَن في الأَرضِ مِن عَرَبٍ

بَينَ باديهِ إِلى حَضَرِه

مُستَعيرٌ مِنكَ مَكرُمَةً

يَكتَسيها يَومَ مُفتَخَره

صاغَكَ اللَهُ أَبا دُلَفٍ

صِبغَةً في الخَلقِ مِن خِيَرِه

أَيّ يَومَيكَ اِعتَزَيتَ لَهُ

اِستَضاءَ المَجدُ مِن قُتُرِه

لَو رَمَيتَ الدهرَ عَن عُرُض

ثَلَّمَت كَفّاكَ مِن حَجَرِه

رُبَّ ضافي الأَمنِ في وَزَرٍ

قَد أَبَتَّ الخَوفَ في وَزَرِه

وَاِبنِ خَوفٍ في حَشا خَمَرٍ

نُشتَه بِالأَمنِ مِن خَمَرِه

وَزَحوفٍ في صَواهِلِهِ

كَصِياحِ الحَشرِ في أَمَرِه

قَدتَهُ وَالمَوتُ مَكتَمِنٌ

في مذاكيهِ ومُشتَجِرِه

فَرَمَت جيلوهُ مِنهُ يَدٌ

طَوَتِ المَنشورَ مِن بَطَرِه

زُرتَهُ وَالخَيلُ عابِسَةٌ

تَحمِلُ البُؤسى إِلى عَقُرِه

خارِجاتٌ تَحتَ رايَتها

كَخُروجِ الطَيرِ مِن وُكُرِه

فَأَبَحتَ الخَيلَ عَقوَتَه

وَقَرَيتَ الطَيرَ مِن جزَرِه

وَعَلى النُعمانِ عُجتَ بِها

فَأَقَمتَ المَيلَ مِن صَعَرِه

غَمَطَ النُعمانُ صَفوَتها

فَرَدَدتَ الصَفوَ في كَدَرِه

وَتَحَسّى كَأسَ مُغتَبِقٍ

لا يُدالُ الصَحوَ مِن سُكُرِه

وَبِقُرقورٍ أَدَرت رَحا

وَقعَةٍ فَلَّت شَبا أَشَرِه

وَتَأَنَّيتَ البَقاءَ لَهُ

فَأَبى المَحتومُ مِن قَدَرِه

وَطَفى حَتّى رَفَعتَ لَهُ

خُطَّةً شَنعاءَ مِن ذَكَرِه