أبعد اليوم تدخر الدموعا

أبعد اليوم تدخر الدموعا

وقد وافاك ما ينفي الهجوعا

وبعد اليوم يبخل كل جَفْنٍ

فجد بالدمع واجعله نجيعا

أتى خطب تَخِرُّ الشّهب منه

ويمنع هوله الشمس الطلوعا

فغادر كل ذي جفن قريح

وغادر كل ذي لب صريعا

قضى البحر الذي قد كان بَرّاً

وللعافين قد أضحى ربيعاً

إمام معارف وعوارف قِفُّ

على بحريه مغترفاً سريعاً

تنل ما شئت من علم وجود

وآداب بها تنسى البديعا

ونظم إن قرأت له حروفاً

يكاد يكلِّفَ الطير الوقوعا

خلت عنه الديار فكدت أدعو

ملث الغيث أعظشها ربوعا

ولو قبل الحمام لنا فداءً

فديناه بمن نهوى جميعاً

وهيهات المنايا لا تحابى

ولا تقبل فداءً أو شفيعا

فصبراً يا شقيق أخي المعالي

لخِطْبٍ ألزم القلب الصدوعا

ومثلك لا يراع لهول خَطْبٍ

وإن صار الصبور به جَزوعا

ومهما عشت فينا لا نبالي

أعاش الناس أم ماتوا جميعاً

فما فقد العفاة كريم قوم

وقد وجدوا نداك لهم سميعا

كذا العلماء لم تفقد إماماً

بمطلبهم أصولاً أو فروعا

فقد وجدوك بحر ندى وعلم

يفيض جداً ومعروفاً وسيعا

أحاط اللّه من ريب الليالي

عليك أبا لضيا سوراً منيعاً