أترى يعود من الحمى قلبي

أترى يعود من الحمى قلبي

أم لا فهل عنه الصبا تنبي

عهدي به مذ ودّعوا سحراً

ونأوا عن الأجفان بالحب

تاللّه ما ارتحلوا مطيهم

إلا وأرواح مقدم الركب

فبقيت آونة أعض يدي

وأخط آونة على الترب

متعرضاً للبرق أنشده

يا برق حيِّ منازل السرب

وأشكر يد الأنوا فما برحت

تدنيك أدنى الصب للصب

فلقد حسدتك ما ترى أبداً

إلا وأنت معانق السحب

ما زلت مبتسماً فهل فرح

ذاك التبسم منك بالقرب

وأنا حليف ضنى يؤرقني

ذكراهم وأغص بالشرب

ما غير أصداء تجاوبني

صوتي وتندب في الهوى ندبي

إن قلت واكربي سمعت لها

رداً عليّ تقول واكربي

فاغترت أحسبها تشاركني

في حب من ملكتهم قلبي

والصبر أجدب بعد بعدهم

وبقربهم قد كان في خصب

وانهل طوفان الدموع فخذ

ما شئت من خدي بالْغَرْبِ

وسقى مكان الصبِّ منهملاً

لما رآه روى من الجدب

ولقد شجاني صوت صادحة

غنت على الأغصان بالشعب

للّه ما أحلى مواقعه

في السمع عند تضايق الكرب

باتت تطارحني فهل عرفت

مثلي بقدر مواقع الحب

ومعنِّف وافي يعنفني

ويطيل في التبكيت والعذب

متشبثاً بالنصح يزعمه

كتشبث الجبري بالكسب

فطفقت أهزل في الحديث به

وأقابل الإِيجاب بالسلب

للّه ما أحلى مغالطتي

إذ قال ما تخشى من الذنب

قلت النظام كتبت أحرفه

نحو امرىء بصفاته يسبي

نحو الضيا صدرت أسطره

وإلى رفيع جنابه كتبي

لم أرض جيداً غيره أبداً

لعقود هذا النظم من صحبي

أنَّى وليس فتى يشابهه

وابحث وسائل كل ذي لب

ما زال مذ شعرت مشاعره

نحو العلى والمجد في وثب

حتى أناف على معاصره

وحوى العلى بالإِرث والكسب

فالمكرمات عليه عاكفة

كعكوفه بدقائق الكتب

قد صار عيناً في العلوم فلا

تعدل إلى التشبيه بالكعبي

والنظم إن أجرى البراع به

أنساك لطف رقائق الهبي

وله من الأوصاف أعذبها

فاحذره من التشبيه بالعذب

لا يستطيع حسابها قلمي

بمداده فإلى هنا حسبي