أسواك إن حلت بنا اللوآء

أسِوَاك إن حلت بنا اللوّآء

يُدْعَى لها إنا إذاً جهلاء

ندعوه في غسق الدجى أولم يكن

عن علمه فيما نقول خفاء

لكن تَعَبَّدَ بالدعاء عبادَه

فأحبهم فيما أتى الدعاء

يبكي الموفق حين يدعو ربه

شوقاً له ومن السرور بكاء

ويسير من أفواهنا نحو السما

ومسيرها في الليل وهي ذكاء

هل غير حضرتك الرفيعة مقصد

هل من سواها يطلب استجداء

وَسعت عطاياك الخلائق كلها

فالناس فيما في يديك سواء

أوجدتهم فضلاً وجُدْتَ عليهمُ

وأنلتهم ما شئت مما شاءوا

فالكل يعجز عن ثنا ما ناله

بل شكرهم فيه لك النعماء

يثني بجارحة وأنت وهبتَها

وعبارة هي من لديك عطاء

لولاك ما نطق اللسان بلفظة

ولكان أفصحنا هم البكماء

خوَّلتهم نِعماً فمفردها كما

قد قلت يحصر دونها الإِحصاء

من ذا سواك أدرَّ كل سحابة

بالماء فهي سحابة وطْفَاء

نسجت حواشيها الرياح فأصبحت

في الجو وهي على الثراء كساء

وحدا بها حادي الرُّعُودِ وساقها

برقٌ فهذا النار وهي الماء

وتألف الضدين قدرةُ قادر

إعدامه سِيَّانِ والإِنشاء

وترى الثرى لم تبق فيه غبرة

قد عاد وهي الروضة الغناء

بينا تراه هامداً متخشعاً

ميتاً أتاه بالحياة حياء

فأعاده حيَّاً وروضاً ناضراً

وعليه تنسج حلة خضراء

يأتي بأرزاق العباد عجائباً

شتَّى هما صنفان فيه سواء

متخالفات خلقةً وطبيعةً

والطعم مُرٌّ حامض حلواء

قل للطبيعي الجهول عَلامَ ذا

والرتب أصل جميعها والماء

وكذاك أبْنَا آدمٍ هذا أتى

ذكَراً وذا أنثى وذا خنثاء

فالكل مختلف كذاك صفاتهم

فيهم غدا الشوهاء والحسناء

مثل اللغات يكون فيهم ألثغ

ومُفَوَّهٌ خضعت له البلغاء

والكل من ماء مَهين صُوِّروا

في باطن الأرحام كيف يشاء

هذا الدليل بأن ربك واحد

يختار لا قسْرٌ ولا إلجاء

فله الثنا والحمد منا دائماً

يأتي به الإِصباح والإِمساء

وعلى الرسول صلاته وسلامه

والآل ما ضم الجميعَ كساء