طلعت نجوم الدين فوق الفرقد

طَلعتْ نجومُ الدينِ فوق الفرقدِ

بمُحمّدٍ ومحمّدٍ ومحمّدِ

بِنَبِيِّنا الهادي وسلطان الورى

ووزيره القرمِ الكريم المَحتِد

سَعْدانِ للأفلاكِ يَكتْنفانِها

والدّينُ تَكنفُهُ ثلاثةُ أسْعُد

هو قد بنى وهُما معاً قد شَيّدا

وتَمامُ كلِّ مُؤسسٍ بِمُشَيّد

بكتابِ ذا وبسيفِ ذا وبرأيِ ذا

نُظِمَتْ أمورُ الدّينِ بعد تَبَدُّد

بدلائلٍ ومنَاصِلٍ وشمائل

ورَدتْ بها الآمالُ أعذبَ مَوْرِد

حُجَجٌ ثلاثٌ للشّريعةِ أصبحَتْ

يُهْدَي إليها كُلُّ مَنْ لم يَهْتَد

فالمُعجِزاتُ لمُقْتَدٍ والباترا

تُ لمُعْتدٍ والمكرماتُ لمُجْتَد

جُمِعَتْ ثلاثةُ أسْمياءَ لدولةٍ

بُنَيتْ على كَبْتِ العِدا والحُسَّد

مَن لم يكن لهَوى الثلاثةِ مُخْلصاً

لم نُسْمِه إلا بطاغٍ مُلْحِد

وكفَى بهذا الاتّحادِ دِلالةً

تَقْضِي إذا وضَحتْ لكُلِّ مُوحِّدِ

ببقَاءِ سلطانِ الورى ووزيرهِ

ألفَيْنِ في مُلكٍ يدومُ مُمَهَّد

ودوامِ بهجةِ جَمْعِ شَمْلهما الّذي

منه الهُدى في ظِلّ عِزٍّ سَرْمَد

اللهِ صَدْرُ زمانِه من ماجدٍ

مَلِكٍ أغَرَّ من الأكارِم أصْيَد

مَولَى الورى مأوى العُلا مُفنِي العدا

مُحيِي الهدى بَحْرُ النّدىَ بدرُ الندي

سَهْلُ الخلائقِ للفضائلِ مَجْمَعٌ

يَحْوِي العلاء وللأفاضِلِ مقْصد

يُردي عِداه بسيفِ بأسٍ مُصْلَتٍ

يُفِري الطُّلى وبسيفِ كَيْدٍ مُغْمَد

فَسلِ الوِزارةَ هل رعاها مثلة

في سالف الأيام والمتجَدِّد

وهل للوزارة غير واحدة غدت

منه وقد نزلت بساحة أوحد

دانَتْ له الدّنيا فَسدّدَ رأيُه

من أمِها ما كان غيرَ مُسَدَّد

مَلِكٌ إذا بَرقَتْ أسِرّةُ وجهِه

جلَتِ الدُّجى بضيائها المُتَوقِّد

خلتِ الدّيارُ وكان قبل خُلُوِّها

مِمّنْ تفرَّد بالعُلا والسُّؤْدَد

اللهُ أيّده ومَن يُضْمِرْ تُقىً

للهِ في رَعْيِ العبادِ يُؤيَّد

ففَداهُ في الأقوامِ كلُّ مُقَصرٍ

يَسْعى إلى نَيْلِ العَلاء بمُسْعِد

كالطّيفِ حَظُّ العين فيهِ وافرٌ

لكنّه لاحَظَّ فيه لليَد

يُمسي ويُصبح جالساً في مُسْندٍ

وكأنّما هو صورةٌ في المَسْنَد

فَلَكَ الثرّيا رِفعةً وله الثَرى

واللهُ في قِسْمِ الورى لا يَعْتدي

فلْيشكُرِ السلطانُ دام جلالُه

ما قد رَعْيتَ لمُلْكهِ وليَحْمَد

خاطَرتَ بالنفسِ النّفيسةِ دُونَه

حتّى تَمَهَّد فوق كُلِّ تَمَهُّد

والأرضُ لا يَغْدو خَطيرَ ملُوكها

إلا المُخاطِرُ في المُلِمِّ المُوئد

بك تَسلَمُ الدُّنيا ويَسَعَدُ أهلُها

فاسلمْ لها يا ابنَ الأكارمِ واسْعَد

أمُبَلِّغي ما قد رَجَوْتُ ولم أسَلْ

ما لو غَدوتَ مُحكِمي لم يَزدَد

من قبلِ أن مَلأ السؤال به فَمي

أضحَى وقد مَلأ النّوالُ به يَدي

بلَّغتَني مَهما قَصدتُ وَزِدتَسني

فوق المُنى فَبلغت ما لم أقصد

وأنلتني ما قد عَهِدْتُ من اللهّا

وأفَدْتني منهُنَ ما لم أعهَد

لم يَبْقَ من نُعماكَ إلا خَصْلةٌ

هي أخلفَتْ عند القوافي مَوْعِدي

إنّي نَشْدتُ لدى ذُراكَ مقاصِدي

فوجَدْتها وقصيدتي لم تُنشَد

فلئن شَكْرتُ لتَشْكُوَنَّ لما بها

من خَجلْةِ المُتأخِّرِ المُتَبلِّد

ومدائحي تَشْأي الرياحَ إذا جَرتْ

في كُلّ نَشْزٍ للبلادِ وفَدْفَد

مِمّا إذا أصغَى الأفاضلُ نحْوه

سَبقَتْ قَوافيه لسانَ المُنْشِد

أبداً تظَلُ قصائدي مَسبوقةً

بَمقاصِدي في شَوطِ جُودِك فاقْصِد

وقصائدي الغُرُّ المُحَجّلةُ التي

أبداً تَخُبُّ بمُتْهمٍ وبمُنجد

جُهِدتْ وبَذَّتْها بَديهةُ خاطِرٍ

جاز المدى كَرماً ولمّا يجهد

كم في الأكابرِ لي لوِ اعتَرفوا لها

بالفَضْلِ حُبّاً للثّناءِ المُخْلِدِ

من مِدْحةٍ للفَخْرِ مُورِثةٍ إذا

نَفِدَ الّذي أسنَوا بها لم تَنْفَد

فِقَرٌ تَظَلُّ حُداءَ كلِّ مَطيّةٍ

لمُعرِّضٍ وغناءُ كُلِّ مُغَرِّد

هم أكرموني فانتحلتُ مديحَهم

مَن يَحتَبِلْني بالكرامةِ يَصطَد

يا أشرف الوزراء دعْوةَ جامعٍ

في الوُدِّ بينَ طريفِهِ والمُتْلد

أفدِيكَ من صَرْفِ الرَّدى يا مَنْ به

وبجُوده من صَرْفِ دَهْرِيَ أفتَدي

مِن باسطٍ يَدَهُ إليَّ بسَيْبه

يَغْدو على حَربِ الحوادثِ مُنْجِدي

إن جِئْتُ قاصِدَه حُبِيتُ وإنْ أُقِمْ

عنه لعُذْرٍ فالمواهبُ قُصَّدي

وإذا بَعُدْتُ دنَتْ إليّ هِباتُه

وصِلاتُه فكأنني لم أبْعُد

دُمْ دِيمةً لبني الرّجاء مُقميةً

يا ذا الأيادي البادياتِ العُوَّد

واقْسِمْ زمانَك بين مُلْكٍ قاهِرٍ

تَرْعَى الأنامَ به وعَيْشٍ أرغَد

فكِفايةُ اللهِ التي عُوِّدْتَها

تُفْنِي العَدُوَّ بها وإن لم تَقْصِد

أمّا الحسودُ فحيثُ يَسمَعُ مِدْحتي

يَلْقَى الرُّواةَ لها بوجْهٍ أربَد

فِلمِقوْلي في قلبِ كُل مُعانِد

تأثيرُ مصْقولِ الغِرارِ مهند

أنا سيفُك الماضي لإرغامِ العِدا

يومَ الفَخارِ فحَلِّني وتَقلد

زرعتْ مُنايَ لدى عُلاك مَطالباً

شتّى فأمِدِدْني برأيْك أحصُد

والدّهرُ أرجَفَ بارتِجاعِكَ مِنْحةً

بدأتْ فَكذِبهُ بعَودٍ أحمَد

ولقد فعلْتَ فَدُمْ كذلك مُنْعماً

أبداً تُعيدُ صنيعةً أو تَبْتَدي

وتَجدَّد العامُ الذي وافَى وقد

أبلَيْتَ ملبوسَ الزّمانِ فَجَدِّد

صُمْ ألفَ عامٍ في ظلالِ سعادةٍ

ولأَلْفِ عيدٍ بالميامِنِ عَيِّد