قف يا خيال وإن تساوينا ضنى

قِفْ يا خيالُ وإنْ تَساوَيْنا ضنَىً

أنا منك أولَى بالزّيارة مَوْهِنا

نافستَ طَيفي والمَهامهُ دُونَنا

في أنْ يزورَ العامريّةَ أيُّنا

فسرَيتُ أعتجِرُ الظّلامَ إلى الحِمَى

ولقد عناني من أُميمةَ ما عنَى

وعَقلتُ ناجيتي بفضْلِ زِمامِها

لمّا رأيتُ خيامَهمْ بالمنحنى

وتطلَّعتْ فأضاء غُرّةُ وجهِها

باللّيلِ أيْسرَ مَنْهجي والأيمَنا

لمّا طرقْتُ الحيَّ قالتْ خِيفةً

لا أنتَ إن عَلِمَ الغَيورُ ولا أنا

فدنَوْتُ طَوْعَ مَقالِها مُتخفِّياً

ورأيتُ خطْبَ القومِ عندي أهْوَنا

ومعي وليس معي سِواهُ صاحبٌ

عَضْبٌ أذودُ به الخميسَ الأرْعنا

حتّى رَفعْتُ عن المليحةِ سِجْفَها

يا صحبي فلَوَ انَّ عينَكَ بَيْننا

سَترْتُ مُحيّاها مخافَةَ فِتْنَتي

بنِقابِها عنّي فكانَتْ أفتَنا

وتَجرَّدتْ أطرافُها من زِينةٍ

عَمْداً فكان لها التَجرُّدُ أزْيَنا

وتكاملَتْ حُسْناً فلو قرَنَتْ لنا

بالحُسْنِ إحساناً لكانتْ أحْسَنا

قَسَماً بما زار الحجيجُ وما سعَوا

زُمَراً وما نَحَروا على شَطَّيْ مِنى

ما اعتادَ قلبي ذكْرُ من سكَن الحِمى

إلاّ استطارَ وملَّ صَدْريَ مسكَنا

أمّا الشّبابُ فقد تعاهَدْنا على

ألاّ نَزالَ معاً فكان الأخْوَنا

وتَلَوُّنُ الأيّام علَّم مفرِقي

فِعْلَ الأحبّةِ في الهَوى فتَلوَّنا

يا طالِبَ الثّأْرِ المُنيمِ وسَيْفُه

في الغِمْدِ لا تَحْسَبْ مَرامَك هَيِّنا

أتُراكَ تَملآُ من غرارٍ أجفُناً

حتّى تُفرّغَ من غِرارٍ أجْفُنا

أوَما رأيتَ السَّيفَ وهْو مُسلَّطٌ

ما زال يَحكمُ بالمنايا والمُنى

لمّا ادَّعَى الأقلامُ فَضْلاً عندَه

غَضِبَ الحديدُ فشَقَّ منها الألْسُنا

حتّى إذا زادَتْ بذاك فصاحةُ ال

أقلامِ حارَ النَّصْلُ لمّا أنْ رَنا

وأراد أنْ يُضْحي لساناً كُلُّه

حتّى يُقِرَّ بفَضْلهِ فتلَسَّنا

ولقلّما غَرِيَ الحسودُ بفاضلٍ

مُتَنقِّصاً إلاّ وزيدَ تَمكُّنا

إن كان جاذَبني المُقامَ مَعاشرٌ

فلقد تَخِذْتُ ليَ التَّغرُّبَ مَوْطِنا

ولقد نَزلتُ من الملوكِ بماجدٍ

فَقْرُ الرِّجالِ إليه مِفْتاحُ الغنى

مَلِكٌ إذا ألقَى اللّثامَ لوَفدِه

حُيّوا به حسَناً ورَجَّوا مُحْسِنا

لا يَألَفُ الرّاجونَ غيرَ فِنائهِ

أبداً ففيهِ الظِّلُّ يُشْمَلُ والجَنى

خَضِلُ اليدَيْنِ إذا انتدى ألفيْتَه

كالطَّود يَحتضنُ الغمامَ المُدْجنا

فإذا بدا في لَبّةِ الخيلِ اكْتَسى

وجهُ النّهارِ له نِقاباً أدْكَنا

وإذا تفَرْعنَ من عِداهُ مارِقٌ

أومَى إلى قلمٍ له فتَثَعْبَنا

وجلا اليدَ البيضاءَ في تَوْقيعِه

فتلقَّفَ المُتمرِّدَ المُتفَرْعنا

للهِ دَرُّ بني جَهيرٍ إنّهمْ

جَهَروا بدِينِ المَجْدِ حتّى أُعلِنا

المُرتَقينَ من العلاء مَراقياً

منها السَّماكُ بحيثُ منه أَكُفُّنا

أَعليُّ يا ابْنَ مُحمّدِ بْنَ مُحمّدٍ

نَسَباً منَ الشّمسِ المُنيرة أَبْينا

أَعيا الثُّريّا وهْيَ كَفُّ سمائها

من دَوْحِ مجدِكَ أَن تَناولَ أَغصُنا

وإذا الطّريفُ المجدِ زانَ زمانَه

فعُلاك تالدُه يَزينُ الأزمُنا

لكَ من أَوائلِ وائلٍ جُرثومةٌ

من فَرْعها ثَمرُ المكارمِ يُجْتَنى

تَحْمي الخلافةَ بالوِزارةِ مثْلَما

قد كان يَحْمي العِزَّ قومُك بالقَنا

ومُجيرُ دينِ اللهِ يا ابْنَ أَكارم

ما زال حفْظُ الجارِ منهمْ دَيْدَنا

أَظهرْتَ للمُستَظْهرِ النُّصْحَ الّذي

ما مسَّ عزْمَك دونَ غايتهِ ونَى

وأَبوك قبلَك من أَبيه قبلَه

قد حَلَّ حيث حَللْتَ تَبني ما بنَى

فسقىَ ثَراهُ كجُودِ كفِّكَ يا ابْنَهُ

غيْثٌ ودُمْتَ كذِكْرِه أَبداً لنا

فلأنتَ أَكرمُ مَن تأزَّرَ وارْتَدى

خُلُقاً وأَكملُ مَن تَسمّى واكتنَى

دانٍ من الجاني إذا عافٍ عفا

لكنّه عافٍ إذا الجاني جنَى

طَلْقٌ إذا اكتحلَتْ به عينُ امْرئٍ

برَقتْ أَسرِّةُ وجهِه فتَيمَّنا

ما أرسلَتْ يدُه عِنانَ مُطهّمٍ

إلاّ ويأتيهِ النّجاحُ إذا ثَنَى

للهِ مَقْدَمُه الّذي في يَوْمه

نَذَرَ المَسرَّةَ لا أَجَدَّتْ مَظْعَنا

وطُلوعُه في مَوكبٍ ودَّتْ له

كُلُّ الجَوارحِ لو تَحَوَّلَ أَعيُنا

لمّا بدا والشّوقُ يُدْني مَن نأى

مِن وجههِ والعزُّ يُنْئي مَن دنا

والأرضُ تُلطَمُ من هُنا بسَنابِكٍ

من خَيْلهِ مَرَحاً وتُلثَمُ من هُنا

والتِّبْرُ مِن أَدْنَى دَوامِ نِثارهِ

قد صارَ منه الجَرُّ يُحْسَبُ مَعدِنا

ناط الإمامُ بسَعْيهِ وبرأيِه

أَمراً بقاصيةِ السّعادةِ مُؤْذِنا

وجرَى به فلَكُ الجيادِ فما مضَى

منّا وإن بَعُدَ المدَى حتّى انْثَنى

كالشّمسِ دار على البسيطةِ دَوْرةً

علياءَ فامتلأتْ بهِ الدُّنْيا سَنا

فلْتشكُرَنَّ الدّولتانِ صَنيعةً

إن كان شُكْرُ صنيعِ مثْلكَ مُمْكنا

أَبدأْتَ قُربَهُما بقُرْبيَ فاغْتدَى

سَبَبُ العَلاء به وأَبدَوْا أمْتَنا

ونظَمْتَ شملَهما فدُمتَ ودامَتا

في العِزِّ ما سجَع الحمامُ ولَحَّنا

أمّا الرّجاءُ فلم يَزلْ مُتغرِّباً

حتّى إذا وافَى ذُراك اسْتَوطَنا

ورأيتُ مُبتاعَ المحامدِ راغباً

فجلَبْتُ من دُرِّ القَريضِ المُثْمَنا

فلئنْ أتاك المدْحُ منّيَ رائقاً

فلأنَّ فكْرِيَ من عُلاك تَلقّنا

أمْلَتْ على قلبي بدائعَ وَصْفها

شيَمٌ تُفَصِّحُ في المديح الألْكَنا

والشِّعْرُ يعلَمُ أنّ أحسنَ نَظْمِه

وأجلَّهُ ما قيلَ فيك ودُوّنا

لي حالةٌ عَجُفَتْ فإنْ تُعْنَوْا بها

فجديرةٌ هيَ أنْ تعودَ فَتسْمنَا

ولعلَّ أيّامَ الإقامةِ عندكمْ

آثارُها للنّاسِ تَظْهَرُ عندَنا

فالبدْرُ تحت شُعاعِ طلْعةِ شَمْسه

يَضْنَى إلى ألاّ يبِينَ منَ الضَّنى

ولها إليه على تَجاوُزِ بُرْجِها

في كلِّ يومٍ فَضْلُ نُورٍ يُقْتنَى

فاسلَمْ لنا يا مجدَ دولةِ هاشمٍ

في دولةٍ قَعْساءَ عاليةِ البُنَى

سُرَّتْ بك الدُّنيا وحاش لقَلْبِها

معَ نُورِ وَجْهِك طالعاً أنْ يَحْزَنا