هو ما علمت فأقصري أو فاعذلي

هو ما عَلِمْتِ فأقْصري أو فاعْذُلِي

وتَرقَّبي عن أيّ عُقْبَى تَنْجَلي

لا عارَ إنْ عَطلَتْ يدايَ من الغنَى

كم سابقٍ في الخيلِ غيرِ مُحجَّل

صانَ اللّئيمُ وصُنتُ وَجْهي ما لَهُ

دُوني فلم يَبذُلْ ولم أتبَذَّل

أبكي لهمٍ ضافَني مُتأوّباً

إنّ الدُّموعَ قِرَى الهمومِ النُّزَّل

ذهَب الّذينَ صَحبْتُهمْ فوجَدْتُهمْ

سُحُبَ المُؤمِّلِ أنجمَ المُتأمِّل

وبُلِيتُ بعدَهُمُ بكلِّ مُذَمَّمٍ

لا مُجمِلٍ طَبْعاً ولا مُتَجمِّل

فاقْنَيْ حَياءكِ يا أميمة واتْرُكي

لَوْمي وحُلّي من عقاليَ أرحُلِ

لا تُنكري شَيباً ألمَّ بمَفرِقي

عَجِلاً كأنّ سَناهُ سَلّةُ مُنْصل

فلقد دُفِعْتُ إلى الهمومِ تَنوبُني

منها ثلاثُ شدائدٍ جُمِّعْنَ لي

أسَفٌ على ماضي الزّمان وحَيْرةٌ

في الحالِ منه وخَشيةُ المُستَقْبَل

ما إن وصَلْتُ إلى زمانٍ آخِرٍ

إلاّ بكَيْتُ على الزّمانِ الأوّل

للهِ عَهْدٌ بالحِمَى لم أنْسَه

أيّامَ أعصي في الصَّبابةِ عُذَّلي

كم رُعْتُ هذا الحَيَّ إمّا زائراً

فَرْداً وإما ثائراً في جَحْفَل

فأسَرْتُ آساداً غِضاباً منهمُ

ورجَعْتُ من أسْرَى غزالٍ أكْحَل

وهَززْتُ أعطافَ الصَّباحِ إليهمُ

في مَتْنِ لَيلٍ بالنّهارِ مُخَلْخَل

جَذْلانَ يَنتصِبُ انتصابَ المَجْدَلِ ال

عالي ويَنقَضُّ انقضاضَ الأجْدَل

ويَهُزُّ جِيداً كالقناةِ يَنوطُه

بحَديدِ أُذْنٍ كالسِّنانِ مُؤلَّل

وتَخالُ غُرّتَهُ سُطوعَ ذُبالةٍ

طَلعتْ بها ليلاً ذُؤابةُ يَذْبُل

وكأنّ خَطْفَ يَمينه وشِماله

مَسْرَى جَنوبِ بالفلاةِ وشَمْأل

قَلّدْتُه ثِنْيَ العِنانِ فطارَ بي

مَرَّ الشّهابِ يقُدُّ ليلَ القَسطَل

في غِلمةٍ لَفُّوا نَواصيَ خَيلِهم

شُعْثاً بأطرافِ الوَشيج الذُّبَّل

وكأنّ صُبحاً سائلاً من أوجُهٍ

منها أصابَ قَرارةً في أرْجُل

أرمي بها دارَ العَدوّ وفي الحَشا

لِهوَى الأحبّةِ غُلّةً لم تُبْلَل

ومدِلّةٍ بالحُسْنِ لا تُبدي الرِّضا

حتّى أُحكّم سَهْمَها في مَقْتلي

رَحَلَتْ ونابَ خيالُها في ناظري

عن وَجْهها فكأنّها لم تَرْحَل

وأبَى خَلاصيَ من طويلِ عَذابِها

قلْبٌ متى يَعِدِ التَّسلّيَ يَمْطُل

لو قَبْلَ أن عَلِقَ الفؤادُ بحُبِّكمْ

يا سادتي لم تَعْدِلوا لم نَعْذُل

لكنْ ملكتُمْ بالغرامِ قُلوبَنا

فاليومَ إن لم تُجْمِلوا لم يَجْمُل

فلأسْمُونَّ إلى العَلاء بهِمّةٍ

طَمّاحةٍ تَرمي الكواكبَ من عَل

والنَّفْسُ في الوطَنِ الذي نشأَتْ به

كالسّيفِ يُسأمُ في يَمينِ الصَّيقَل

وعَصائبٍ لاثوا العَصائبَ للسُّرى

مُتَرنِّحِينَ على فُروعِ الأرحُل

يَطْوي الفلا زَجَلُ الحُداةِ وراءهمْ

بمُهَجِّراتٍ ظلُّها لم يَفْضُل

أقبلْنَ من شَرَفِ العُذَيبِ بَواكراً

والفَجْرُ مثلُ صَفيحةٍ لم تُصقَل

وكَرعْنَ من ماء النُّقَيْبِ عَشيّةً

واللّيلُ جَفْنٌ بالدُّجَى لم يُكْحَل

وذرَعْنَ عَرْضَ البِيدِ طائشةَ الخُطا

بأخي عَزائمَ في البلادِ مُجَوِّل

ما زوّد الأحبابَ منه تَعلُّلاً

إلاّ وَداعَ الظّاعنِ المُتَحمِّل

وسَما للَثْمِ يد المُوفَّقِ إنّه

سَببُ العلاء فعافَ كُلَّ مُقَبِّل

لأَغرَّ من عُلْيا بَجيلةَ ماجدٍ

بادي المَهابةِ في النُّفوسِ مُبَجَّل

خَضِلُ الأنامل ما تَزالُ يَمينُه

مَوصولةً بتَطاوُلٍ وتَطَوُّل

يَعْفو عنِ الجاني وإن لم يَعتَذِرْ

ويَجودُ للعافي وإنْ لم يُسأَل

ويُشنِّفُ الأسماعَ بارعُ مَنطِقٍ

يَثْني زِمامَ الرّاكبِ المُستَعْجِل

لَفَظ اللآلئَ منه زاخِرُ صَدره

والدُّرُّ يعدَمُ في مَضيقِ الجَدول

وعَجبْتُ من قلَمٍ بكفِّكِ كيف لم

يُورِقْ بأدْنى لَمْسِ تلك الأنْمُل

ما بينَ طَبْعٍ مثلِ ماءٍ قاطرٍ

جَرْياً وذهْنٍ كالحريقِ المُشْعَل

وتَقاوُمُ الضِّدَّيْنِ في جسمٍ معاً

سَبَبُ البقاء على المِزاجِ الأعْدل

لك عن حِماكَ دفاعُ لَيْثٍ مُشبِلٍ

ولِمَنْ رجَاك قطارُ غَيْثٍ مُسْبِل

فأعِنْ على حَربِ الدُّهورِ مُؤازِراً

فلقد أنخْنَ على الكرامِ بِكَلْكَل

فتَنٌ علا فيها الزّمانُ بعُصْبَةٍ

وسيَرجعونَ إلى الحَضيض فأمْهل

وإذا انتَهى مَجْرَى الخُيولِ وكُفَّ من

غُلَوائها انحَطَّ القَتامُ المُعْتلَي

أصبحْتَ للعلياء أكرمَ خاطِبٍ

وذُراكَ في اللأواءِ أمنَعُ مَعْقِل

غَوْثُ الأفاضلِ في زمانِ أراذِلٍ

فكأنّه عَلَمٌ أُقيمَ بمَجْهَل

فامْنُنْ عليّ بفَضْلِ جاهِك إنّه

قَمِنٌ بإطْلاعِ الحُقوقِ الأُفَّل

فقدِ امتُحِنْتُ معُ العُداةِ بمَنْزلٍ

لا مُمكِنِ المَثْوَى ولا المُتَحوَّل

في عُصبةٍ هَجَروا النّدى فديارُهمْ

للطّارقينَ قليلةُ المُتَعلَّل

بَعُدَتْ طرائقُهْم وقَلَّ سائلي

وعِلاجُ غَوْرِ الماء وَصْلُ الأحْبُل

فاشفَعْ إلى كرمِ الصَّفيِّ فإنّه

بيدَيْكَ مِفتاحُ النّجاح المُقْفَل

فَهو الّذي أَضحَتْ مَواهبُ كفِّه

كالشّمسِ إن يُشْرِقْ سَناها يَشْمَل

لا غَرْوَ إن صدَقَتْ ظُنوني بَعدَما

عَلِقَتْ يدي بالفاضلِ المُتفَضَّل

فأجِبْ وإن صَمَّ اللّئامُ فإنّما

حُمِد القِرىَ في كُلِّ عامٍ مُمحِل

وتَهنَّ عيداً مُقْبلاً وافاك بالنْ

نُعْمَى وعشْ في ظلِّ جَدٍّ مُقْبِل