يا راحلا بالسعد عن مقلتي

يا راحلاً بالسّعدِ عن مُقْلتي

ونازلاً ما بينَ أَفكاري

إنْ يَخْلُ طَرْفي منك في حالةٍ

فليس يَخْلو منك إضماري

أحلَلْتَني في مَنْزلٍ آنِسٍ

مَأْلَفِ قُصّادٍ وزُوّار

وروضةٍ غَنّاءَ في صَحْنِها

نُزْهةُ أَسماعٍ وأبصار

فإنّما بُعدُك لا غَيره

هو الّذي يَشغَلُ أَسراري

فنحن من دارِك في جَنّةٍ

نَعَمْ ومن بُعْدِك في نار

فهل سَمعْتُم بفتىً نازِلٍ

بالّنارِ والجنّةِ في دار

لمّا غدَتْ خَيلُ اشتِياقي لكم

تَركُضُ في مِضمارِ إضماري

جَرى إليكم قَلَمي سابِقاً

واحسَدا للقلَمِ الجاري

برَيتُه فانقادَ لي طائعاً

وليس بِدْعاً طاعةُ الباري

وقام لي بالرّأسِ يَعْدو به

عَدْواً كلَمْحِ البارقِ السّاري

فَودَّ قلبي والفلا بيننا

يُعْيِي المطايا بُعدُ أقطاري

لو أنّها طِرْسي ولو أنّني

لقلَمِي أحكِي بتَسْيار

بل لو وصَفْتُ الشّوقَ يا سادتي

مُذْ بَعُدَتْ من دارِكم داري

لكان أَصفاري إذا ضُمِنَتْ

أَقلَّه في طُولِ أسفاري

متى أرَى ليلَ فراقي لكم

يَصدَعُه صُبْحٌ بإسْفار

وأيَّ يومٍ يغَتْدِي ناظري

مُكتحِلاً منكمْ بأنوار

فدَتْك نَفْسي يا ضياءَ الهُدى

من ماجدٍ مُسعِدِ أحرار

لم يُسْلِني عنك كرامُ الوَرى

بل زاد كُلُّ بك إذْكاري

وما أرَى مثلَك في طُولِ ما

أَلُفُّ أنجاداً بأَغوار

فلستَ تغدو يا حليفَ النّدى

إلاّ مُقيماً بينَ أسراري

إليك كنتُ بادئاً هِجْرتيِ

فكنتَ من أكرمِ أنصاري

فانصُرْ أبا نصْرٍ فؤادي على

جَيشَيْنِ من شَوقٍ وأفكار

بِمَدَدٍ تُلْحِقُه عاجِلاً

منك ولو خَمْسةَ أسطار