رثاء تأخر عن وقته عاما عبدالباسط الساروت

حياتُكَ لم تَطُلْ والموتُ حقُّ

وما الدنيا على أحدٍ تَرِقُّ

ولم تكُ واحداً يُنعى ويُنسى

ولكنْ ثورةً تفديكَ خَلْقُ

زهدتَ بأنْ تعيشَ فعشتَ حُرّاً

ومن يسعى ليبقى يُستَرقُّ!

وإنّ الموتَ أشرفُ من حياةٍ

يسودُ بها على العُقلاءِ حُمْقُ

لعمركَ ما بهذي الأرضِ شيءٌ

يسرُّ القلبَ إلا فيهِ خَنقُ!

فأنشِدْ في السَماءِ الآنَ واصعَدْ

بوجهِك ضِحكَةٌ وبفيكَ صِدقُ

نؤمّلُ أنّ نعيشَ حياةَ نوحٍ

وهل في ما نرى ما يستَحقُّ؟

وسوريّونَ لا النَكَباتُ كَفّتْ

ولا نحنُ اجتنبنا ما يَشقُّ

ظننا أنّ قاتِلَنا نظامٌ

وإذْ في إثْرهِ غربٌ وشَرقُ!

يخوّفُ شَعبَهُ الطُغيانُ فينا!

ويوهِمُهُم بأنْ ماتتْ دِمَشقُ

ولا واللهِ ما ماتت ولكنْ

على أطرافها الجيرانُ فُسْقُ!

تقولُ حَمَامَةٌ: في الرفقِ خَيرٌ

وهل يُجدي معَ الطاعونِ رِفقُ؟!

ستُنجبُ حَملَها الكَلِماتُ حتمَاً

وموتُ حُمَاتِها الأحرارِ طَلْقُ

هي الثوراتُ أُمٌّ من دِماءٍ

يَبرُّ الحرُّ، والمَخصيْ يعقُّ!

لقد وفّيتَ يا ساروتُ فانعَمْ

بما قدّمتَ بعضُ الموتِ عِتقُ!

وداعاً، لم تَمُتْ إلا لتحيا

وقلبكَ لم يَزل فينا يَدقُّ

إذا الدنيا بكتهُ بكلّ عينٍ

فجنّاتُ النعيمِ بهِ أحقُّ!