فتنة

على أبوابِ باخرةٍ

كتاجٍ فوقَ رأس البحر

تلاقينا وكانَ الوقتُ

قبلَ الحبِّ، بعدَ الظهر

نظرتُ ولم أُطل، لكنْ

رأتني حينَ كنتُ أمُر

فرحتُ أُديرُ أنظاري

وأُظهرُ طلعةَ المُغتر

وكسرى بينَ عينيها

يُنفِّضُ عنهُ تُربَ القبر

فبَادَرها ببسمتهِ

صديقي تحت جُنحِ السر

فصادتهُ صديقتُها

بعينٍ مثلَ عينِ الصقر!

تركتُهما بغيِّهما

فقلبي عندَ ذاتِ الخصر

دنوتُ ولم أقل شيئاً

ولم يغنِ اصطناعي الكِبر

لساني العيُّ يأكلُه

وكم من قبلُ قال الشعر!

كعادتهِ إذا أهوى

يضيقُ ولو ببعض النثر

لقد كانت على قدرٍ

منَ التحليق يُردي النَسر

وشامتُها التي خُلقت

بلا مأوى، بأعلى الثغر

معاذ الله لم تقتُل

ولكن أفقدتني الصبر!

وبعدَ ترددٍ مُرٍّ

دعاني وجهُهَا المُحمَر

وأنفٌ شامخٌ زهواً

وجيدٌ طاعنٌ بالسّحر

فقلتُ لها، وقالت لي

ولا أُنبيكَ كيفَ الطُّهر

بقينا بضعَ ساعاتٍ

نسيتُ بها صديقي البَر

فهل نَسيَت صديقتَها؟

لها واللهِ مثلي العذر

وصلنا ليتَ رحلتنا

استمرَّت يا هوايَ الدهر

لماذا عندما نهوى

يمرُّ الوقتُ مرَّ العُمر؟

نزلنا من سفينتنا

إلى برِّ الفراقِ المُر

وودعنا اللتينِ على

فؤادينا سكبنَ الحِبر

صديقي شاردٌ وأنا

بلا شُربٍ بلغنا السُّكر

وعدنا بعد نصف الليل

فوقَ الخيرِ فينا الشّر!

فيالكِ من نويعمَةٍ

أرتني اليُسرَ بعد العُسر

ويالكِ من مُضلِّلَةٍ

حُرمتُ بها صلاةَ الفجر!