مناورة

على قتلِ ما عشناهُ لستِ بقادرَةْ

فيكفيكِ تشريداً بنا ومُكابَرَة

تلومينَ أحداثَ الزمانِ وإنّها

بَرَاءٌ فنحنُ الذنبُ، طاغٍ وثائرَة

وأنْ نلتقي نِدَّينِ بعدَ معاركٍ

على نِصفِ صُلحٍ، ثَمَّ بعضُ مُخَاطرَة

أنا لا أُريدُ الآنَ منكِ تنازلاً

ولكنْ بقاءً لا يكونُ مُقامَرَة

تعبتُ أُخبّي ما أُحسُّ وأن أُرى

مُقيماً وما بيْ غيرَ روحٍ مُسافرَة

وها ألفُ جيشٍ في ضلوعي منَ الأسى

أشدُّ وأعتى من جيوشِ الأكاسِرَة

سلي عنّيَ الخيباتِ كم ذا لَقيتُها

أجرُّ غبائي، وهْيَ تضحكُ ساخرَة!

وعن كُرهيَ الدّنيا وزهدي بأهلها

فلي أُسوةٌ بالحقِّ يُبغضُ كافرَة

بلا وطنٍ، كلّ البلادِ تعيشُ بي

وقلبي صديقٌ للطيورِ المُهاجرَة

ومن يسكن المنفى تنامُ عيونُهُ

وتبقى المآسي والنّوائبُ ساهرَة

إذا ضاقت الأولى عليَّ برحبْها

وضنَّت بما أرجو فثَمَّةَ آخرَة

قضيتُ بجُبْرانِ الخواطرِ رحلتي

ولي خافقٌ اللهُ يَجبرُ خاطرَه

لكَ اللهُ قلباً ضاقَ حتّى تَفجّرَتْ

مصائبهُ شِعراً يُصبّرُ شاعرَه

لقينا الذي نخشى، ونلنا نَصيبَنا

ومَدَّ القَضا في جانبينا مَصائرَه

مُحيطاً مُحيطاً مُمسِكينَ بقَشَّةٍ

نُفتِّشُ في التابوتِ عن رُبعِ باخرَة

على دِكّةِ الأمواجِ مرَّت حياتُنا

فيا مرحباً بالعَجزِ يُغرِقُ عابرَه!

ولولاك يا الله خُضنا دروبنا

إلى الموتِ طوعاً لا نخافُ مقَابرَه

ولولاكَ كانَ اليأسُ أولى بحالنا

منَ الصبّرِ يُخفي لا يزالُ بشائرَه

ولولاكَ ما ظلّت قُوانا وقاومت

ومن حولها كلُّ المشاعرِ خائرَة

ولولاكَ، لولا أنّ فيكَ رجاءَنا

لما خاسرٌ منّا أحبَّ خسائرَه!

إلى أينَ يا أنتِ؟ اسمعيني، فلم أقلْ

منَ الهمِّ مِمّا عِشتُ، إلا أواخرَه

خلاصُةُ ما قلبي يُريدُ: انسحابَهُ

منَ الحربِ لو كانَ السَّلامُ مُغامَرَة

إذا اخترتِ موتَ اثنينِ كنتِ بقاهُما

فأرجوكِ لا تُبقي وراءَكِ ذاكرَة