حور بعثن رسولا في ملاطفة

حُورٌ بَعَثنَ رَسُولاً في مُلاطَفَةٍ

ثَقفاً إِذا أَسقَطَ النَسَّاءَةُ الوَهِمُ

إِلَيَّ أَن إِيتِنا هُدءٍ إِذا غَفَلَت

أَحراسُنا إِفتَضَحنا إِن هُمُ عَلِمُوا

فَجِئتُ أَمشي عَلى هَولٍ أُجَشَّمُهُ

تَجَشُّمُ المَرءِ هَولاً في الهَوى كَرَمُ

إِذا تَخَوَّفتُ مِن شَيءٍ أَقُولُ لَهُ

قَد جَفَّ فامضِ بِما قَد قُدِّرَ القَلَمُ

أَمشي كَما حَرَّكت رِيحٌ يَمانِيَةٌ

غُصناً مِنَ البانِ رَطباً طَلَّهُ الرِهَمُ

في حُلةٍ مِن طِرازِ السُوسِ مُشرَبَةٍ

تَعفُو بِهَدّابِها ما تُندِبُ القَدَمُ

وَهُنَّ في مَجلِسٍ خالٍ وَلَيسَ بِهِ

عَينٌ عَلَيهِنَّ أَخشاها وَلا بَرَمُ

لَما بَلَغتُ إِزاءَ البابِ مُكتَتِماً

وَطالِبُ الحاج تَحتَ اللَيلِ مُكتَتِمُ

سَدَّدنَ لي أَعيُناً نُجلاً كَما نَظَرَت

أُدمٌ هِجانٌ أَتاها مُصعَب قَطِمُ

قالَت كِلابَةُ مَن هَذا فَقُلتُ لَها

أَنا الَّذي أَنتِ مِن أَعدائِهِ زَعَمُوا

إِنّي امرُؤلَجَّ بي حُبٌ فَاحرَضَني

حَتّى بَليِتُ وَحَتّى شَفَّني السَقَمُ

لا تَذكُرِيني لِأَعداءٍ لَو أَنَّهُمُ

مِن بُغضِنا أُطعِمُوا الحِمى إذن طَعِمُوا

فانعِمي نَعمَةً تُجزَي بِأَحسَنِها

فَرُبَّما مَسَّنى مِن أَهلِكِ النِعَمُ

سِترُ المُحبِينَ في الدُنيا لَعَلَّهُمُ

أَن يُحدِثُوا تَوبَةً فيها إِذا أَثُموا

إِذا أُناسٌ مِنَ الآناسِ جاوَرَهُم

تَذَمَّمُوا بِاصطلاحٍ بَعدَما حُرِمُوا

هَذي يَميني رَهيناً بِالوَفاءِ لَكُم

فَارضى بِها وَلا نفِ الكاشِح الرَغَمُ

قالَت رَضِيتُ وَلَكِن جِئتَ في قَمَرٍ

هَلّا تَلَبَّثتَ حَتّى تَدخُلُ الظُلَمُ

خَلَّت سَبِيلي كَما خَلَّيتُ ذا عُذُرٍ

إِذا رَأَتهُ إِناثُ الخَيلِ تَنتَحِمُ

حَتّى أَوَيتُ إلى بِيضٍ تَرائِبُها

مِن زَيِّها الحَليُ وَالحنّاءُ وَالكَتَمُ

فَبِتُّ أَسقي بِأَكواسٍ أُعَلُّ بِها

أَصنافَ شَتّى فَطابَ الطَعمُ وَالنَسَمُ

يَجَعَلنَني بَعدَ تَسويفٍ وَتَغديَةٍ

بِحَيثُ يُثبِتُ غُرضَ الضَامِرِ الوَلَمُ

حَتّى بَدا ساطِعُ مِلفَجرِ تَحسبُهُ

سَنا حَريقٍ بِلَيلٍ حِينَ يَضطَرِمُ

كَغُرَّةِ الأَزهَرِ المَنسوبِ قَد حُسِرَت

عَنهُ الجِلالُ تِلالاً وَهوَ مُصطَخِمُ

وَدَّعتُهنَّ وَلا شَيءٌ يُراجِعُني

إِلّا البَنانُ وَإِلّا الأُعيُنُ السُجُمُ

إِذا أَرَدنَ كَلامي عِندَهُ اِعتَرَضَت

مِن دُونِهِ عَبَراتٌ فَاِنثَنى الكَلِمُ

لَمّا تَبَيَّنَّهُ وَالوَجدُ يَعطُفني

لِحُبِّهِنَّ وَهُنَّ الوُلَّهُ الرُؤَمُ

تَمَيُّلَ التِينِ يَجري تَحتَهُ نَهَرٌ

يَغطى وَتَرفَعُ مِن أَفنانِهِ النَسَمُ

تَكادُ ما رُمنَ نَهضاً لِلقِيام مَعاً

أَعجازُهُنَّ مِنَ الأَقطانِ تَنقَصِمُ

يَخُونُها فَوقَها مَهضُةمَةٌ صُوِيَت

كَما تَخُونُ عُكُومَ المُثعِلِ الخَضَمُ

مُستَتنشِداتٌ وَقَد مالَت سَوالِفُها

إِلى الوَلائِدِ لا غَيرَ الهَوى أَلَمُ

لَمّا رَأَيتُ الَّذي يَلقَينَ مِن كَمَدٍ

وَأَنَّ آخِرَ لَيلي سَوفَ يَنصَرِمُ

لَبِستُ ساجي عَلى بُرديَّ مُنطَلِقاً

تَحتَ الشَمالِ وَفيها قِطقِطٌ شَبِمُ

لا مُسرِعَ المَشي مِن خَوفٍ وَلا ثَبِطاً

كَاللَيثِ أَبرَزَهُ تَحتَ الدُجى الرِهَمُ

حَتّى أَوَيتُ إِلى طِرفٍ بِرابِيَةٍ

كَأَنَّهُ مُعرَضاً مِن ساعَةٍ عَلَمُ

لا يَكسِرُ الطَرفَ نَظّارٌ يُقالُ بِهِ

مِن حِدَّةِ الطَرفِ لاستِيناسِهِ لَمَمُ

كَأَنَّما قَرصُ نابيهِ شَكِيمَتَهُ

قَرشُ المُدى يَنتَحِيها الجازِ وَالخذِمُ

ضافى السَبِيبِ تَقُدُّ الغُرضَ زَفرَتُهُ

نَهدٌ وَتَقصُرُ عَن أَضلاعِهِ الحزُمُ

فَذاكَ حُصنُ الفَتى مِثليِ إِذا جَعَلَت

بِالمُحصِنِينَ قُصُورُ الشِيدِ تَنهَدِمُ