لقد أرسلت ليلى رسولا بأن أقم

لَقَد أَرسَلَت لَيلى رَسُولاً بِأَن أَقمِ

وَلا تَقرَبَنّا فَالتَجَنُّبُ أَمثَلُ

لَعَلَّ العُيُونَ الرامِقات لِوُدِّنا

تُكَذَّبُ عَنّا أَو تَنامُ فَتُغفَلُ

أُناسٌ امِنّاهُم فَنَثُّوا حَدِيثَنا

فَلَمّا كَتَمنا السِرَّ عَنهُم تَقَوَّلُوا

فَما حَفظُوا العَهدَ الَّذي كانَ بَينَنا

وَلا حِينَ هَمُّوا بِالقَطيعَةِ أَجمَلُوا

فَإِن نِساءً قَد تَحَدَّثنَ أَنَّنا

عَلى عَهدِنا وَالعَهدُ إِن دامَ أَجمَلُ

فَقُلت وَقَد ضاقَت بِلادي برُحبِها

عَلَيَّ لَما قَد قِيلَ وَالعَينُ تَهمِلُ

سَأَجتَنِبُ الدارَ الَّتي أنتُمُ بِها

وَلَكنَّ طَرفي نَحوَها سَوفَ يَعمَلُ

أَلم تَعلَمي أَني وَهَل نافِعي

لَدَيكِ وَما أُخفي مِن الوَجد فصَلُ

أُرى مُستَقيم الطَرفِ ما الطَرفُ أَمَّكُم

وَإِن أَمَّ طَرفي غَيرَكُم فَهوَ أَحوَلُ

صَحاحُبُّ مَن يَهوى وَأَخلَقَهُ البِلى

وَحُبُّكِ في مَكنُونِ قَلبي مُطَّللُ

وَبُحتُ بِما قَد وَسَّعَ الناسُ ذِكرَهُ

وَأَكثَرُهُ في الصَدرِ مِنيِّ مُزَمَّلُ

وَما بُحتُ إِلّا أَن نَسِيتُ وَإِنَّما

بِهِ كُلُّ مَن يَهوى هَوىً يَتَمَثَّلُ

فَلا تُجمِعي أَن تَحبِسيني وَتمطلي

أَأُححبَس عَن أَرضي هُديتِ وَأُمطَلُ

فَإِنَّ ثَوائي عِندَكُم لا أَزوُرُكُم

وَلا أَنا مَردُودٌ بِيَأسٍ مُزَحَّلُ

وَلا أَنا مَحبُوسٌ لِوَعدٍ فَأَرتَجي

وَلا أَنا مَردُودٌ بِيَأسٍ فَأَرحَلُ

كَمُقتَنِصٍ صَيداً يَراهُ بِعَينِهِ

يُطيفُ بِهِ مِن قُر بِهِ وَهُوَ أَعزَلُ

وَمُمتَرِسٍ بِالماءِ أَحرَقَهُ الظَما

تَحَلّا فَلا يَندى وَلا هُوَ مُمَثَلُ

فَفِي بَعضِ هَذا اليضوم لِلنَّفسِ بَينُها

وَأَيُّ طَريقَيها إِلى المَوتِ أَسهَلُ

أَتَصدُرُ بِالداءِ الَّذي وَرَدَت بِهِ

فَتَهلكُ أَم تَثوي كَذا لا تُنَوَّلُ

وَكَم لَيلَةٍ طَخياءَ ساقِطَةِ الدُجى

تَهِبُّ الصَبا فيها مِراراً وَتَشملُ

كَأَنَّ سَقِيطَ الثَلجِ ما حَصَّبَت بِهِ

عَلى الأَرضِ عَصب أَو دَقيقٌ مُغَربَلُ

لِحُبِّكِ أُسريها وَحُبُّكِ قادَني

إِلَيكِ مَع الأَهوالِ وَالسَيفُ مُخضِلُ

رَكِبتُ لَها طِرفاً جَواداً كَأَنَّهُ

إِذا خَبَّ سِرحانُ المَلا حِينَ يَعسِلُ

أَقَبُّ شَديدُ الصُلبِ تَحسِبُ مَتنَهُ

يُفَرّجُ عَنهُ بِالحَيازِيمِ مُجفِلُ

لَهُ ثَرَّةٌ تَنهَلُّ مِن جَوفِ رَأسِهِ

تَكاد لَها مِنهُ العُرُوقُ تَبَزَّلُ

كَما انهَدَّ جَدرٌ مائِلٌ كانَ حَشوَهُ

مَعَ الآجُرِ المَطبُوخِ شِيدٌ وَجَندَلُ

قَرُوصٌ عَلى الآرِيِّ لِلسائِسِ الَّذي

يُطِيفُ بِهِ مُستَأنِسٌ مَتَأكِّلُ

نَشِيطٌ وَلَم يُخلَق صَوُولاً كَأَنَّهُ

بِهِ مازِحٌ لِعّابُهُ يَتَبَطَّلُ

عَرِيض الوَظيفِ مُكرَبُ القَصِّ لَم يَذُق

حَديداً وَلَم يَسهَر لَهُ اللَيل أَبجَلُ

إِذا لَم تُطِق خَيلٌ أَداةَ رِجالِها

فَفارِسُهُ مِن شِكَّةِ الحَربِ مُكملُ

كَأَنّا نُداري حِينَ نَسرُو جِلالُهُ

بِهِ مَلِكاً مِن عِزَّةٍ يَتَخَيُّلُ

وَيَرضى بَصِيرٌ خَلقَهُ وَهوَ مُدبِرٌ

كَما هُوَ راضٍ خَلقَهُ وَهُوَ مُقبِلُ

عَلى مِثلِهِ أَنتابُ لَيلى وَأَهلَها

وَآتى الوَغى وَاللَهُ يَكفي وَيَحمِلُ