لمن طلل بالنعف نعف وقير

لِمَن طَلَلٌ بِالنَعفِ نَعفِ وَقِيرِ

يُشَبَّهُ مَغناهُ كِتابَ زَبُورِ

أَضَرَّ بِهِ بَعدَ الأُلى عَمَرُوا بِهِ

تَقادُمُ أَرواحٍ وَمَرُّ دُهُورِ

أَقُولُ لِعَبدِ اللَهِ وَالقَلبُ واجِبٌ

وَمِن قَبلِهِ ما قُلتُهُ لِكَثِيرِ

فَما أَنسَ مِلأَ شَياءِ لا أَنسَ مَجلِساً

لَنا وَلَها بِالسَفحِ دُونَ ثَبِيرِ

وَلا قَولَها وَهناً وَقَد بَلَّ نَحرَها

سَوابِقُ دَمعٍ ما يَجِفُّ غَزَيرِ

أَأَنتَ الَّذي حُدِّثتُ أَنَّكَ راحِلٌ

غَداةَ غَدٍ أَو رائِحٌ بِهَجِيرِ

فَقُلتُ يَسِيرٌ بَعضُ يَومٍ أَغيبُهُ

وَما بَعضُ يَومٍ غِبتِه بِيَسِيرِ

أَحِينَ عَصَيتُ العاذِلينَ إِلَيكُمُ

وَنازَعَ حَبلي في هَواكِ أَمِيري

وَأَنهَمَني فِيكِ الأَقارِبُ كُلُّهُم

وَباحَ بِما يُخفى الفُؤادُ ضَمِيري

فَقُلتُ لَها قَولَ أمرئٍ شَفَّهُ الهَوى

إِلَيها وَلَو طالَ الزَمانُ فَقِيرِ

وَيُخفى بِها وَجداً شَديداً وَقَلبُهُ

إِلَيها كَمَشدُودِ الوِثاقِ أَسِيرِ

وَما أَنا إِن شَطَّت بي الدارُ أَودَنَت

بي الدارُ عَنكُم فَاعلَمي بِصَبُور

أَشارَت لِتِربَيها إِلَيَّ وَأَومَضَت

فَأَحبِب بِها مِن مُومِضٍ وَمُشِيرِ

فَلَمّا تَجَلّى لَيلُنا وَبَدَت لَنا

كَواكِبُ فَجرٍ بَعدَ ذاكَ مُنِيرِ

وَقُلنَ أَنطَلِق لا كانَ آخر عَهدِنا

بِمَلقاكَ في سِترٍ سُترتَ سَتِيرِ

فَإِنّا نَخافُ الحَيَّ أَن يَفزَعُوا بِنا

وَعَينَ عَدُوٍّ أَن يَراكَ بَصِيرِ

نَهَضنَ بِأَعجاز ثِقالٍ تُمِيلُها

فَتَسمُو بِأَعناقٍ لَها وَصُدُورِ

كَعِبرِيِّ بانٍ أَثبتَتهُ أُصُولُهُ

يُحَرِّكُ أَعلاهُ نَسيمُ دَبُورِ

فَلَمّا اِستَوَت أَقدامُهُنَّ وَلَم تَكَد

عَلى هُضمِ أَكبادٍ وَلُطفِ خُصُورِ

تَهادى نِعاجِ الرَملِ مَرَّت سَواكِناً

بِأَجرَعَ مُوليِّ الدِماثِ مَطِيرِ

تَرَبَّعنَ غَورَ الأَرضِ حَتّى إِذا بَدَت

مِنَ النَجمِ أَرواحٌ ذَواتُ حَرُورِ

وَأَورَدَ أَهلَ الماءِ غِيّاً وَأَفصَحَت

حَمامَةُ أَيكٍ ناضِرٍ بِهَديرِ

دَعاهُنَّ نَجدٌ لِلجِلاسِ فَذُكِّرَت

ظِلالَ بَساتينٍ بِهِ وَقُصُورِ

وَكُنَّ بِهِ في صيفَةِ الحَيِّ كُلِّها

إِلى سَرَبٍ في رَوضَةٍ وَغَديرِ