ما هاج قلبك يوم العرج من ظعن

ما هاجَ قَلبَكَ يَومَ العَرجِ مِن ظُعُنِ

جَدَّدنَ بِالرَيطِ وَالسِيجانِ مِن شَجَني

شُعثٍ تَعَطَّلنَ لَم يَعرَينِ مِن كُحُلٍ

وَلا خِضابٍ وَلا غَسلٍ وَلا دُهُنِ

سَوافِرٍ مِثل صَيفّي الغَمام جَلا

بِالبَرقِ عَنهُ وَجَلّى طخيَةَ الدُجُنِ

إِلّا الَّذي أَبصَرَتهُ العَينُ إِذ وَقَفُوا

مِنهُم وَلَو خِفتُ ما قَد كانَ لَم يَكُنِ

مِن كُلِّ صَفراءَ مِثلِ الرِيمِ خَرعَبَةٍ

في ناصِعِ اللَونِ تَحتَ الرَيطِ كَاللَبَنِ

مَمكُورَةِ الساقِ رابٍ ما أَحاطَ بِهِ

مِنها الأَزارُوَجالَ الكَشحُ في البَدَنِ

لَها وَساوُسُ تَجري في تَحَرُّكِها

ما لَم يَكُن بَينَ أَثناءٍ مِنَ العَكَنِ

نَزَلنَ بِالرَوضِ ذي الحُوؤانِ في أُصُلٍ

مِنَ العَشِيِّ وَلم يَنزِلنَ في الدِمَنِ

يَمُرنَ مَورَ المَها تُزجى جَآذِرَها

إِذا تخافُ عَلَيها مَوضِعَ الثُكَنِ

فِيهِنَّ بِهنانَةٌ كَالشَمسِ إِذ طَلَعَت

تُصبى الحَلِيمَ بِدَلٍّ فاخِرٍ حَسَنِ

كَالغُصنِ هَبَّت لَهُ رِيحٌ بِرابِيَةٍ

مِنَ العَماءِ أَتَت مِن وَجهةِ اليَمَنِ

كَأَنَّما بَعَثَت بِالنَشرِ مِن سُفُنٍ

جاءَت مِن الهِندِ سيفَ البَحرِ مِن عَدَنِ

وَما تَطَيَّبُ إِلّا إِنَّ طِينَتَها

مِن عَنبَرٍ خُلِقَت مِن أَطيَبِ الطِينِ

إِذا دَعَتهُنَّ لضم يَقعُدنَ وَانِيَةً

صَفدَ الجِيادِ عَلى أَرسانِها الصُفُنِ

يَقُمنَ إِعظامَها يَنظُرنَ ما أَمَرَت

كَما تَقُومُ نصارى الرُومِ لِلوَثَنِ

حَتّى اِستَمَرُّوا وَطَرفُ العَينِ يَتبَعُهُم

بِواكِفٍ مِن دُمُوعِ العَينِ ذي سِنَنِ

كَأَنَّها حِينَ جادَ الماقِيانِ بِها

دُرٌ تَساقَطَ مِن سِمطَين في قَرَنِ

ما زِلتُ أُبصِرُهُم حَتّى أَتى شَرَسٌ

مِن دُونِهِم وَفُزُوعُ الأَثلِ مِن حَضَنِ

فَقُلتُ إِذ لامَني في الوَجدِ ذُو عَنَفٍ

غَيرُ الفَقيهِ بِذاكَ الدِينِ وَالمَحَنِ

القَلبُ رَهنٌ لَها بِالوُدِّ ما عَمَرَت

وَقَد غَنِيتُ وَقَلبي غَيرُ مُرتَهَنِ

لَيتَ الآلهَ اِبتَلاها بِي وَإِن كَرِهَت

كَما اِبتلاني بِها في سالِفِ الزَمَنِ