أسلم تسليم المشوق المتيم

أَسَلِّمُ تَسليمَ المَشوقِ المُتَيَّمِ

وَأَمزِجُ مَسفوحَ المَدامعِ بالدَّمِ

وَأَبكيكَ حَتّى تَعلَمَ السحبُ أَنَّها

وَحَقِّكَ كَم غادَرنَ مِن مترَدّم

وَأعقِرُ مِن أَبكارِ فِكري عَقائِلاً

أَرّقّ مِنَ التَسنيمِ لا ذاتَ مَنسِمِ

أَبَعدَ أَبو كافٍ تَكُفّ مَدامِعٌ

وَيَحظى فَمٌ مِن بَعدِهِ بِالتَبَسّمِ

أُناجيكَ لا أَنّي إِخالُكَ مُنجدي

وَلَكِن مُناجاةَ الحَبيبِ المُحَوِّمِ

تَرَكتَ المَعالي بَعدَ بُعدشكَ إِنَّها

أَيامى تَصُكّ الوَجهَ حيناً وَتَلطِمُ

وَمَن لِلمَساعي إِن تَعَذَّرَ كَسبُها

بِيُسرِ إِذا أَعيَت سِواكَ يُسَلِّمِ

وَمَن لِلمُهِماتِ العِظامِ يُحُلّها

بِفِكرٍ كَحَدِّ الهِندوانيِّ لَهذَمِ

وَمَن لِمَهيضِ الدَهرِ يَأَتيكَ لائِذاً

تَقولُ لَهُ لَبَّيكَ لَبَّيكَ فاِسلَمِ

وَمَن زينَةُ الحَفلِ الَّذي أَنتَ زَينُهُ

إِذا غِبتَ أَو صَدرُ الخَميسِ العَرمَرَمِ

فُجِعتُ فَيا لَهفي وَطولَ تَوَجّعي

وَفارَقتُ أَزكى مَن عَرَفتُ وَأَكرَمِ

تَقَدَّمتَنا وَاِنقَدتَ لِلَّهِ طائِعاً

وَسِرتَ وَقَد يَمَّمتَ خَيرَ مُيَمَّمِ

وَفارَقتَنا أَنضاءَ حُزنٍ وَحَسرَة

عَلَيكَ وَمَن فارَقتَ غَيرُ مُذَمَّمِ

فَأَظلَمَتِ الأَيّامُ وَاِغبَر وَجهُها

وَكانَت وَمَن فارَقتَ غَيرُ مُذَمَّمِ

لَياليَ كانَت بالسُرور لآلِئاً

بِها الدَهرُ سَحّ البِرِّ غَيرَ مُجَمجَم

تَدوسُ الثَريّا بِالنِعال تَرَفعاً

وَتُمسي عَلى زَهرِ المَجَرَّةِ تَرقُمُ

وَتَقطِفُ مِن زَهرِ المُنى كُلّ يانِعٍ

وَفي سائِرِ الآمالِ حُكِّمتَ فاِحكُمِ

أَدارَ عَلَينا كَأسَ أَمنٍ رَويَّةً

وَجَرعَنا مِن بعدِها كَأسَ عَلقَم

فَرُحتَ وَكَم باكٍ بِأَجفانِ شادِنٍ

عَلَيكَ وَكَم باكٍ بِأَجفانِ ضَيغَم

فَسُحقاً لِدَهرٍ إِن أَعارَكَ ساعَةً

أَغارَ بِكَفٍّ ذاتِ قَوسٍ وَأَسهُم

فَكَم مَزَّقَت لَزمى كَندَمَي جُذَيمَةٍ

وَكَم فَرَّقَت مِن مالِكٍ وَمُتَمِّم

وَكَم نَثَرَت نَظماً وَأَصمَت وَأَصمَتَت

وَذا دأبُها مِن عَهدِ عادٍ وَجُرهُمِ

عَفا اللَهُ عَمّا قَد مَضى لِسَبيلِهِ

وَلا قاكَ بِالبُشرى وَحُسنِ التَكَرّمِ

وَنَرجوهُ أَن يوليكَ عَفواً وَرَحمَةً

وَيَسمَعَ مِنّا فيكَ طولَ التَرَحُّمِ

عَلَيكَ سَلامُ اللَه تَسليمَ آسِفٍ

عَلى ما مَضى مِن عَهدِكَ المُتَقَدمِ