أشاقك بارق في الجنح ساري

أَشاقَكَ بارِقٌ في الجُنحِ ساري

فَبَتَّ وَدَمعُ جَفنِكَ في اِنحِدارِ

وَشِمتَ التونسيَّ فَصِرتَ ناسٍ

لِصَبرِكَ وَالتَجَلّدِ وَالوَقارِ

تُقَلِّبُكَ الشُجونُ عَلى فِراشٍ

كَأن بِحَشوِهِ زُرقُ الشِفارِ

تَذَكَّرتَ العُهودَ فَبِتَّ صادٍ

أَخا ظَمإِ إِلى بيرِ الحِجارِ

أَقَمتُ بِهِ سِنينَ وَما تَرَوَّت

بِهِ كَبِدي وَلا خَمَدَت جِماري

سَقى بيرَ الحِجارِ وَساكِنيهِ

سُرورٌ وَاكِفٌ وَكفَ القِطارِ

وَحَيّا بِالسَعادَةِ كُلَّ بَدرٍ

بِهِ يُجلىَ وَصانَ عَنِ السِرارِ

وَبَيّا واضِحَ الخَدَّينِ غِرّا

غَريراً أَغيَداً ماضي الغِرارِ

عَزيزَ النَيلِ ذا حُسنٍ عَزيزٍ

صَغيرٍ كَبَّروهُ عَلى الصِغارِ

إِذا ما ماسَ يَمزَحَ قالَ قَلبي

خُفوقاً مِن مُهَنِّدِهِ حَذارِ

يَرى تَعذيبَ مَن يَهواهُ عَذباً

وَلا يَدري الوِصالَ وَلا يُداري

أَبيتُ بِهِ عَلىَ يَأسي مُقيماً

يَدي صِفرٌ وَوَجهي ذو اِصفِرارِ

وَقاصِرَة الحِجالِ إِذا تَبَدَّت

تَرى التَقصيرَ في البيضِ القِصارِ

تَصُدُّ مَلاحَةً وَتَتيهُ صَدّا

وَهَل لِلشَمسِ تُبصَرُ مِن قَرارِ

يُلاحِظُها العَذولُ فَيَصطَفيها

وَيَعذِرُ كُلَّ خَلّاع العِذارِ

نَعِمتُ بِها بِرَغمِ أُنوفِ قَومٍ

تُلاحظني بِطَرفٍ ذي ازوِرارِ

وَبِتنا وَالمُدامُ لَنا نَديم

يَسُرُّ وَنَحنُ كاليَدِ وَالسِوارِ

إِذا عاطَيتُها كأسَ الحُمَيّا

كَساها حُلةً مِن جُلنَّارِ

وَألثِمُها فَيَزدادُ اِشتياقي

كَأَن اللَثمَ مِن جِنسِ العُقارِ

وَبِنتُ الكَرمِ يَمزِجُها ابن كَرمٍ

وَيَدري إِذ يُديرُ لِمَن يُداري

وَخامِسُنا خَميسُ الزَينُ يَشدو

مُرادي يا عُيونَ جَنا القِفارِ

فَتَحسُدُ مُقلَتي إِذ ذاكَ سَمعي

وَتَشهَدُ بِالفَضيلَةِ وَالفَخارِ

فَيا عَصرَ التَواصُلِ هَل إِيابٌ

فَنُطفي ما أَواري مِن أَوارِ

وَيُنظُمُ شَملَنا مِن بَعدِ شَت

كَما نَهوى عَلى وِفقِ اِختياري

لَعَلَّ اللَهُ يَجمَعُنا سَريعاً

وَآخُذُ مِن صُروفِ الدَهرِ ثاري

أَخلائي اِذكُروا عَهدي فَإِنّي

أَحِنّ لَكُم عَلى شَحَط المَزارِ