قصدت جنابك من سحيق مكان

قَصَدَت جَنابَكَ مِن سَحيق مَكان

تَعنو لِما أُوتيتَ مِن سُلطان

هيَ أُمّ عيسى الزَرافَةُ مَن سَمَت

في قَدرِها عَن أَكثَر الحَيوان

جَمَعَت مَحاسنَهُ بِها فَتَبَرَّجَت

وَسَما لَها جيدٌ عَلى الأَقران

وَتَلَوَّنَت بِبَدائِعٍ في صِبغها

تُزري بِزَهر الرَوضِ في نيسان

مِن أَبيَضٍ يَقَقٍ وَأَصفَرَ فاقِع

في أَسوَدٍ داجٍ وَأَحمَرَ قان

وَرَنَت بِطَرف الريم مِن خُيلائِها

وَتَمايَسَت كالخود بَينَ غَوان

إِنسيَّةٌ وَحشيَّةٌ ما اِقتادَها

إِلّا المُلوكُ الشُمُّ ذو التيجان

وَكَأَنَّها اِختَصَّت بِمَن حازَ العُلى

واِجتابَ ماءَ العَين مِن زَغوان

أَعني بَني حَفصٍ وَحَسبُكَ هَذِهِ

لا غَيرُ لَمّا أَن رأتكَ الثاني

السائِقُ العَذبَ الفُراتَ لِتونِسٍ

وَالمورِدُ المَعسولُ لِلظَّمآنِ

تَرَكَت دُخانَ الرمث في أَوطانَها

طَلَباً لِمَن يَقري بِغَير دُخان

وَأتَتكَ في خَفرٍ وَحُسن تَوَدّدٍ

وَسَلَت عَن الفَيفاء بالمَيدان

الجامِع الأَضداد أُسد مَع مَهاً

وَالطَير ذي الأَنواع وَالحيتان

وَعَجائِبٍ مِن خَلقَة الرَحمَنِ ما

لَم يَجتَمِع لِمُؤَسِّس الإيوان

كَلا وَلا رَبّ السَدير وَبارِقٍ

وَالقَصر ذي الشرُفات مِن غُمدان

مِمَمُ المُلوك إِذا أَرادوا نَشرَها

مِن بَعدهم فَبألسُن البُنيان

إِنَّ البِناءَ إِذا تَعاظَمَ قَدرُهُ

أَضحى يَدُلُّ عَلى عَظيم الشان

يا أَيُّها الباش المُشيرُ المُرتَضى

الصادِقُ الوَعدُ أَخو الإِحسان

يَهنيكَ ما لَم يُؤتَهُ مِن قَبلكم

في سالِف الأَحقاب وَالأَزمان

فاِسلَم تَسوقُ لَكَ البِلادُ نَفيسَها

وَنُفوسَها فَضلاً عَن الأَبدانِ

واِسعَد لِمُلكٍ دائِمٍ مُتَطاوِلٍ

في عَزَّةٍ تَنمو وَنَيل أَمان

وَاللَهُ يَحرُسُ مَجدَكُم وَيَزيدُكُم

مِن فَضله بِمُنَزَّل الفُرقان