أقيم على التشوق أم أسير

أُقيمُ عَلى التَشَوُّقِ أَم أَسيرُ

وَأَعدِلُ في الصَبابَةِ أَم أَسيرُ

لَجاجَ مُعَذِّلٍ في الوَجدِ يَبلى

وَلا إِقصارَ مِنهُ وَلا قُصورُ

غُروراً كانَ ما وَعَدَتكَ سُعدى

وَأَحلى الوَعدِ مِن سُعدى الغُرورُ

لَبَرَّحَ أَوَّلٌ في الحُبِّ مِنها

وَشارَفَ أَن يُبَرِّحَ بي أَخيرُ

تَصُدُّ وَفي الجَوانِحِ مِن هَواها

وَمِن نيرانِ هِجرَتِها سَعيرُ

وَيَحمى الهَجرُ في الأَحشاءِ حَرّاً

وَإيقاداً كَما يحمى الهَجيرُ

أُليحُ مِنَ الغَواني أَن تَرى لي

ذَوائِبَ لائِحاً فيها القَتيرُ

وَجَهلٌ بَيِّنٌ في ذي مَشيبٍ

غَدا يَغتَرُّهُ الرَشَأُ الغَريرُ

تُعَنّينا مُصاحَبَةُ اللَيالي

وَيُنصِبُنا التَرَوُّحُ وَالبُكورُ

رَأَيتُ المَأَ أُلِّفَ مِن ضُروبٍ

يُؤَثِّرُ في تَزايُدِها الأَثيرُ

مَتى يَذهَب مَعَ الأَيّامِ يَنفَد

نَفادَ الحَولِ تُنفِدُهُ الشُهورُ

لَقَد نَطَقَ البَشيرُ بِما اِبتَهَجنا

لَهُ لَو كانَ يَصدُقُنا البَشيرُ

بِجَيشٍ تُستَباحُ بِهِ الضَواحي

وَتَعتَصِمُ العَواصِمُ وَالثُغورُ

يَحينُ رَدى العِدى فيهِ وَيُهدى

لَها اليَومُ العَبوسُ القَمطَريرُ

كَأَنَّ عَلى الفُراتِ وَجيزَتَيهِ

جِبالَ تِهامَةَ اِرتَفَعَت تَسيرُ

يُتَلّى في أَواخِرِها تَبيعٌ

وَيَقدُمُ في أَوائِلِها ثَبيرُ

فَمَن يَبعُد بِهِ عَنها مَغيبٌ

يُدَنِّ رَبيعَةَ الفَرَسِ الحُضورُ

يُدَبِّرُها وَشيكُ العَزمِ تُلقى

إِلَيهِ كَي يُنَفِّذَها الأُمورُ

بَعيدُ السِرِّ لَم يَقرُب بِبَحثِ ال

مُنَقِّبِ ما كَمى عَنهُ الضَميرُ

مَكايِدُ لا تُخِلُّ بِها أَناةٌ

وَإِن عَجِلَ المُحَرِّضُ وَالمُشيرُ

بَوالِغُ لَو يُطاوِلُها قَصيرٌ

لَقَصَّرَ عَن مَبالِغِها قَصيرُ

تَراءاهُ العُيونَ بِلَحظِ وُدٍّ

لِطَلعَتِهِ وَتُكبِرُهُ الصُدورُ

بَهِيٌّ في حَمائِلِهِ جَميلٌ

وَفَخمٌ في مُفاضَتِهِ جَهيرُ

إِذا جيبَت عَلَيهِ الدِرعُ راحَت

وَحَشوُ فُضولِها كَرَمٌ وَخيرُ

أَميرٌ تارَةً تَأتي بِعَدلٍ

إِمارَتَهُ وَتاراتٍ وَزيرُ

يَكُرُّ نَوالُهُ عَلَلاً عَلَينا

كُرورَ الكَأسِ أَترَعَها المُديرُ

قَليلٌ مِثلُهُ وَأَقَلُّ شَيءٍ

وَأَعوَزُهُ مِنَ الناسِ النَظيرُ

جَديرٌ أَن يُلَفَّ الخَيلَ شُعثاً

بِخَيلٍ خَلفَها رَهَجٌ يَثورُ

يُجَلّى سُدفَةَ الهَيجا بِوَجهٍ

يُضيءُ عَلى العُيونِ وَيَستَنيرُ

إِذا لَمَعَت بَوادي البِشرِ فيهِ

رَأَيتَ البَرقَ يَلبَسُهُ الصَبيرُ

وَما مِن مَورِدٍ أَدنى لِرَيٍّ

مِنَ الأَنهارِ تَملِكُها البُحورُ

مَلَكتَ شُطوطَ دِجلَةَ شارِعاتٍ

تَقابَلُ في جَوانِبِها القُصورُ

بِناءٌ لَم يُشَفِّق فيهِ بانٍ

وَلا هَمٌّ مِنَ الباني قَصيرُ

تَوَرَّدُهُ الوُفودُ مِنَ النَواحي

فَيَرضى راغِبٌ أَو مُستَجيرُ

فَلا تَبرَح تَتِمُّ عَلَيكَ نُعمى

وَلا تَبرَح يَدومُ لَكَ السُرورُ

لَكَ الخَطَرُ الجَليلُ تُهالُ مِنهُ

قُلوبُ القَومِ وَالقَدرُ الكَبيرُ

شَكَرتَ الناصِرَ النَعَمَ اللَواتي

يَقِلُّ لِبَعضِها الشُكرُ الكَثيرُ

وَما قابَلتَ عارِفَةً بِأُخرى

كَنُعمى باتَ يَجزيها الشَكورُ

وَفَرتُ عَلَيكَ مالَكَ وَهوَ عِلقٌ

مَرَزّاً لَيسَ عادَتَهُ الوُفورُ

فَعَوِّض مِنهُ جاهاً أَرتَضيهِ

وَمِثلُكَ عِندَهُ العِوَضُ الخَطيرُ

فَجُدتَ وَجُزتَ بي أَقصى الأَماني

وَمِن عاداتِكَ الجودُ الشَهيرُ

تُراكَ مُخَلِّفي في غَيرِ أَرضي

وَإِنهاضي إِلى بَلَدي يَسيرُ

وَقَد شَمِلَ اِمتِنانُكَ كُلَّ حَيٍّ

فَهَل مَنٌّ يُفَكُّ بِهِ أَسيرُ

وَأَعتَقتَ الرِقابَ فَمُر بِعِتقي

إِلى بَلَدي وَأَنتَ بِهِ جَديرُ